لترسلن إلى الأشتر فليأتينك أو لنقتلنك بأسيافنا كما قتلنا عثمان، أو لنسلمنك إلى عدوك. فأقبل الأشتر حتى انتهى إليهم فصاح: يا أهل الذل والوهن، أحين علوتم القوم فظنوا أنكم لهم قاهرون، رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها؟! وقد تركوا ما أمر الله به فيها، وسنة من أنزلت عليه، فلا تجيبوهم، أمهلوني فواقا فاني قد أحسست بالفتح. قالوا: لا. قال: فأمهلوني عدوة الفرس (3) فاني قد طمعت في النصر قالوا: إذا ندخل معك في خطيئتك!! قال: فحدثوني عنكم - وقد قتل أماثلكم وبقي أراذلكم - متى كنتم محقين، أحين كنتم تقتلون أهل الشام، فأنتم الآن حين أمسكتم عن القتال مبطلون، أم أنتم الآن في امساككم عن القتال محقون فقتلاكم إذن الذين لا تنكرون فضلهم وكانوا خيرا منكم في النار.
قالوا: دعنا منك يا أشتر قاتلناهم في الله، وندع قتالهم في الله، إنا لسنا نطيعك فاجتنبنا. قال: خدعتم والله فانخدعتم، ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم، يا أصحاب الجباه السود، كنا نظن أن صلاتكم زهادة في الدنيا وشوق إلى لقاء الله فلا أرى فراركم إلا إلى الدنيا من الموت!!! ألا فقبحا يا أشباه النيب الجلالة (4) ما أنتم برائين بعدها عزا أبدا، فابعدوا كما بعد القوم الظالمون. فسبوه وسبهم وضربوا بسياطهم وجه دابته، وضرب بسوطه وجوه دوابهم فصاح بهم علي فكفوا.
فقال الأشتر: يا أمير المؤمنين احمل الصف على الصف يصرع القوم. فتصايحوا إن عليا أمير المؤمنين قد قبل الحكومة ورضي بحكم القرآن ولم يسعه إلا ذلك.