من القوم اليوم الا ما دعاهم إليه أمس، ولو رده عليهم كنتم له أعنت، ولا يلحد في هذا الأمر إلا راجع على عقبيه أو مستدرج بغرور (6) فما بيننا وبين من طغى علينا إلا السيف.
ثم قام خالد بن المعمر فقال: يا أمير المؤمنين، إنا والله ما اخترنا هذا المقام أن يكون أحد أولى به منا، غير أنا جعلناه ذخرا وقلنا: أحب الأمور إلينا ما كفينا مؤنته فأما إذ سبقنا في المقام فإنا لا نرى البقاء إلا فيما دعاك إليه القوم ان رأيت ذلك، فإن لم تره فرأيك أفضل.
ثم إن الحضين الربعي - وهو أصغر القوم سنا - قام فقال: أيها الناس إنما بني هذا الدين على التسليم فلا توفروه بالقياس ولا تهدموه بالشفقة، فانا والله لو أنا لا نقبل الا ما نعرف لأصبح الحق في أيدينا قليلا، ولو تركنا ما لا نهوي لكان الباطل في أيدينا كثيرا، وإن لنا داعيا قد حمدنا ورده وصدره (7) وهو المصدق على ما قال المأمون على ما فعل، فإن قال: لا. قلنا: لا. وإن قال: نعم.
قلنا: نعم!!!
فلما ظهر قول حضين رمته بكر بن وائل بالعداوة!!
وقال رفاعة بن شداد البجلي: أيها الناس إنه لا يفوتنا شئ من حقنا، وقد دعونا في آخر أمرنا إلى ما دعوناهم إليه في أوله، وقد قبلوه من حيث لا يعقلون فإن يتم الأمر على ما نريد فبعد بلاء وقتل، وإلا أثرناها جذعة وقد رجع إليه جدنا.