منه إلا عيناه، وبيده الرمح، فجعل يضرب رؤوس أصحاب علي بالقناة ويقول: سووا صفوفكم رحمكم الله حتى إذا عدل الصفوف والرايات استقبلهم بوجهه وولى أهل الشام ظهره ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال:
الحمد لله الذي جعل فينا ابن عم نبيه، أقدمهم هجرة وأولهم إسلاما، سيف من سيوف الله صبه على أعدائه، فانظروا إذا حمي الوطيس وثار القتام وتكسر المران (3) وجالت الخيل بالابطال، فلا أسمع الا غمغمة أو همهمة فاتبعوني وكونوا في أثري، ثم حمل على أهل الشام وكسر فيهم رمحه ثم رجع فإذا هو الأشتر.
وخرج رجل من أهل الشام ينادي بين الصفين: يا أبا الحسن يا علي أبرز إلي.
فخرج إليه علي حتى إذا اختلف أعناق دابتيهما بين الصفين فقال: يا علي إن لك قدما في الإسلام وهجرة فهل لك في أمر أعرضه عليك يكون فيه حقن هذه الدماء وتأخير هذه الحروب حتى ترى من رأيك؟. فقال له علي وما ذاك؟.
قال: ترجع إلى عراقك فنخلي بينك وبين العراق، ونرجع إلى شامنا فتخلي بيننا وبين شامنا. فقال له علي [عليه السلام]:
لقد عرفت أن ما عرضت هذا نصيحة وشفقة، ولقد أهمني هذا الأمر وأسهرني، وضربت أنفه وعينيه فلم أجد إلا القتال أو الكفر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه. إن الله تبارك وتعالى لم يرض من أوليائه أن يعصى في الأرض