أما بعد فإني قد بعثت مقدمتي (2) وأمرتهم بلزوم هذا الملطاط (3) حتى يأتيهم أمري، فقد أردت أن أقطع هذه النطفة إلى شرذمة منكم موطنين بأكناف دجلة (4) فأنهضهم
(٢) كذا في نهج البلاغة وهو الظاهر، وفي نسختي من كتاب صفين: (أما بعد ذلكم فإني قد بعثت مقدماتي)... والمراد من المقدمة - بفتح الدال وكسرها - مقدمة جيشه (ع)، ومقدمة الشئ في قبال مؤخرته. والمراد منها هنا طائفة من أولي النجدة يقدمهم رئيس الجيش - أو هم يقدمون أنفسهم - أمام الجند حفظا للمصالح ودفعا للمفاسد.
(٣) الملطاط: شفير الوادي. طريق على ساحل البحر، قال في التاج: وفي حديث ابن مسعود: (وهذا الملطاط طريق بقية المؤمنين هرابا من الدجال).
يعني به شاطئ الفرات أي جانبه وساحله.. الطريق والمنهج الموطوء: الذي ضربته السيارة كثيرا.
(٤) قال الرضي (ره): ويعني [أمير المؤمنين] بالنطفة: ماء الفرات وهو من غريب العبارات وأعجبها. أقول: ومثله قوله عليه السلام في الخوارج:
(مصارعهم دون النطفة). كما في المختار: (٥٩) من النهج. ومنه قول كعب بن سور لصبرة بن شيمان لما استشاره يوم البصرة في نصرة طلحة والزبير: (كن وراء هذه النطفة، ودع هذين الفارين من مضر وربيعة) كما في الطبري: ج ٣ ص ٥١٥ ط ١٣٥٧، وأنساب الأشراف ولكن يراد من الثاني ماء دجلة، ومن الثالث هما معا لامتزاجهما قرب البصرة.
والشرذمة الجماعة القليلة. والموطنين: الذين جعلوا أطراف دجلة وطنا وسكنوا أكنافها: جوانبها. وفي النهج: (موطنين أكناف دجلة). يقال:
(وطن بالمكان وطنا - من باب وعد - وأوطن به إيطانا) أقام به واتخذه وطنا ومثله: أوطن المكان وتوطنه واستوطنه.