وكذلك سميناه (لطيفا) لعلمه بالشئ اللطيف مثل البعوضة وأحقر من ذلك، وموضع الشق منها، والعقل والشهوة، والسفاد، والحدب (1) على نسلها، وإفهام بعضها عن بعض، ونقلها الطعام والشراب إلى أولادها في الجبال، والمفاوز (2)، والأودية، والقفار، فعلمنا أن خالقها لطيف بلا كيف، وإنما الكيفية للمخلوق، المكيف.
وكذلك سمي ربنا (قويا) لا بقوة البطش المعروف من المخلوق، ولو كان قوته قوة البطش المعروف من الخلق لوقع التشبيه ولاحتمل الزيادة، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان، وما كان ناقصا كان غير قديم، وما كان غير قديم كان عاجزا.
فربنا تبارك وتعالى لاشبه له ولا ضد، ولاند، ولاكيف، ولا نهاية، ولا أقطار، محرم على القلوب أن تمثله، وعلى الأوهام أن تحده، وعلى الضمائر أن تكيفه جل عن أداة خلقه، وسمات بريته، وتعالى عن ذلك علوا كبيرا (3).