إن كنت تقول: هي هو، أي أنه ذو عدد وكثرة، فتعالى الله عن ذلك.
وإن كنت تقول: لم تزل هذه الصفات والأسماء، فإن لم تزل يحتمل معنيين:
فإن قلت: لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها، فنعم.
وإن كنت تقول: لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها فمعاذ الله أن يكون معه شئ غيره، بل كان الله ولا خلق، ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه، يتضرعون بها إليه، ويعبدونه، وهي ذكره وكان الله ولا ذكر، والمذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل.
والأسماء والصفات مخلوقات المعاني، والمعني بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف والائتلاف، وإنما يختلف ويأتلف المتجزئ فلا يقال: الله مؤتلف، ولا الله كثير، ولا قليل، ولكنه القديم في ذاته، لأن ما سوى الواحد متجزئ، والله واحد لا متجزئ.
ولا متوهم بالقلة والكثرة، وكل متجزئ ومتوهم بالقلة والكثرة، فهو مخلوق دال على خالق له.
فقولك: إن الله (قدير) خبرت أنه لا يعجزه شئ، فنفيت بالكلمة: العجز، وجعلت العجز سواه.
وكذلك قولك: (عالم) إنما نفيت بالكلمة: الجهل، وجعلت الجهل سواه، فإذا أفنى الله الأشياء أفنى الصور والهجاء، ولا ينقطع ولا يزال من لم يزل عالما.
قال الرجل: كيف سمي ربنا (سميعا)؟
قال: لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع، ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس.
وكذلك سميناه (بصيرا) لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار، من لون وشخص وغير ذلك، ولم نصفه بنظر لحظ العين.