البيت الحرام، فمررت بالشام إلى أن وصلت إلى دمشق، فلما كنت بالغوطة (1) مررت بقرية من قراها، فرأيت في القرية تل تراب، وعليه صبي، رباعي السن يلعب بالتراب.
فقلت في نفسي: هذا صبي إن سلمت عليه لما يعرف السلام، وإن تركت السلام أخللت بالواجب، فأجمعت رأيي على أن أسلم عليه، فسلمت عليه.
فرفع رأسه إلي وقال: والذي رفع السماء وبسط الأرض، لولا ما أمر الله به من رد السلام لما رددت عليك، استصغرت أمري، واستحقرتني لصغر سني!؟
عليك السلام ورحمة الله وبركاته وتحياته ورضوانه.
ثم قال: صدق الله: * (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها) * (2). وسكت.
فقلت: (أو ردوها). فقال: ذاك فعل المقصر مثلك.
فعلمت أنه من الأقطاب المؤيدين.
فقال: يا أبا يزيد! ما أقدمك إلى الشام من مدينتك بسطام؟
فقلت: يا سيدي! قصدت بيت الله الحرام إلى أن قال: فنهض، وقال:
أعلى وضوء أنت؟ قلت: لا!
فقال: اتبعني! فتبعته قدر عشر خطا، فرأيت نهرا أعظم من الفرات.
فجلس وجلست، وتوضأ أحسن وضوء وتوضأت.
وإذا قافلة مارة، فتقدمت إلى واحد منهم، وسألته عن النهر؟