وأخرج أبا الحسن عليا ابنه معه عليه السلام، وهو صغير، فخلفه بالمدينة، وانصرف إلى العراق، ومعه أم الفضل بعد أن أشار إلى أبي الحسن ونص عليه وأوصى إليه.
وتوفي المأمون ببليدون في يوم الخميس لثلاث (1) عشرة ليلة مضت من رجب، سنة ثماني عشرة ومائتين في (2) ست عشرة سنة من إمامة أبي جعفر عليه السلام.
وبويع للمعتصم أبي إسحاق محمد بن هارون في شعبان سنة ثماني عشرة ومائتين.
فلما انصرف أبو جعفر عليه السلام إلى العراق، لم يزل المعتصم وجعفر بن المأمون يدبرون ويعملون (3) الحيلة في قتله، فقال جعفر لأخته أم الفضل وكانت لامه وأبيه في ذلك، لأنه وقف على انحرافها عنه وغيرتها عليه، لتفضيله أم أبي الحسن ابنه عليها مع شدة محبتها له (4)، ولأنها لم ترزق منه ولد، فأجابت أخاها جعفرا وجعلوا سما في شئ من عنب رازقي، وكان يعجبه العنب الرازقي، فلما أكل منه، ندمت وجعلت تبكي.
فقال لها: ما بكاؤك! والله ليضربنك الله بفقر لا ينجى (5) وبلاء لا ينستر.
فبليت بعلة في أغمض المواضع من جوارحها، صارت ناسورا ينتقض عليها في كل وقت، فأنفقت مالها وجميع ملكها على تلك العلة حتى احتاجت