تعطي معنى الخير والاحسان والجميل، لهذا تفاءل خربنداد ورحب بنزول القوم، ورفع ذكرهم ومقامهم العالي وعزتهم إلى كبير العجم في المنطقة (يزدانفاذار)، وهكذا الأخير يكرمه أشد الاكرام، ويدعوه إلى منزله، ويقيم له مأدبة تكريما له، ثم يتفق أن غزاة من الديلم يصلون (ابرشتجان)، فينظرون إلى الخيام المضروبة الكثيرة العدد، وإلى الخيل والدواب والإبل، مما يفرحون بها لكونها ستنقلب إليهم بالغزو والنهب، فما أحلاها! إنها غنائم جاهزة، كما كانوا يعتقدونه، ولما وقع الهجوم ودارت المعركة رحاها، وانتصر بها الأحوص، ودفع شر أولئك عن هذه الأرض، قامت له المدائح، وكثر عليه الثناء من خربنداد ويزدانفاذار وكبار العجم في (ابرشتجان)، وبهذا يحتل الأحوص وقومه موقعا كبيرا عند الأعاجم في المنطقة، ويحترم غاية الاحترام، ويعزز، ويكرم، ويكون في منعة وأمان.
هكذا تمر الأيام والأحوص يزداد محبة في قلوب القوم، حتى أنهم كتبوا عهدا وميثاقا فيما بينهم لحفظ أموال وممتلكات الطرفين، والجانبان يعيشون حياة الاخوة، كما أن للنازحين حق الجيرة، لهذا تعززت بينهم الروابط والعلائق، وأصبحت بينهم مصاهرة ومودة وان يدافع كل طرف عن الطرف الثاني، فيما لو هاجمهم عدو...، وقد وقع الطرفان هذا الميثاق واحتفظوا به.
أما الحجاج بن يوسف الثقفي، فقد أخذ يلاحق الأشعريين حتى تمكن من قتل محمد بن سائب بن مالك الأشعري، وقد جلى أبناءه من الكوفة وكل من ينتمي إليهم، وهؤلاء اضطروا إلى ترك العراق والنزوح إلى قم.
قبيل أن يصل أولاد محمد بن سائب بن مالك إلى قم حدث أن أولاد (خربنداد)، و (يزدانفاذار)، والجيل الذي جاء بعدهم، قد نقضوا العهد والميثاق الذي كتبه آباؤهم وكبار المنطقة، وأجبروا الأشعريين بالخروج، لكن استطاع