فمن جاءه يوم السعد فأي طلب يتقدم به للحجاج يقضي له، وإن جاءه الطلب يوم النحس فيؤدي بحياة صاحبه، وقد اتفق أن عبد الله بن سعد أخا الأحوص قد زار الحجاج وهو في يوم سعده، فتجاهل أمر الأحوص وخروجه مع زيد بن علي عليه السلام، ولما دار الحديث بين الحجاج وعبد الله أنكر أمر أخيه، وأخذ يتلطف إليه ويطلب منه إطلاق سراح أخيه الأحوص، وفعلا استجاب الحجاج له وأطلقه من حبسه.
بعد هذا أجمع الاخوان عبد الله وسعد على الخروج من الكوفة خوفا من بطش الحجاج بهما، وفعلا تهيأ الأحوص مع أخويه عبد الرحمان ونعيم للخروج من الكوفة خلسة، وقد حملوا معهم نساءهم وذراريهم وخدمهم، وكانوا عدة كبيرة، حتى قيل: إن أولاد عبد الرحمان بن مالك كانوا أربعين ولدا، وتخلف عنهم عبد الله، كي ينجز الأعمال التي تعهدها لهم من بيع الأراضي والمزارع وما لديهم من ممتلكات، ثم يلحق بهم.
الركب الذي تقدم به الأحوص عندما وصل إلى البصرة نزل عند ماء هناك، وإذا بوباء يصيب القوم فيؤدي بحياة أبنائهم، وتصيبهم هذه النكبة قبل أن يحالفهم الحظ في الخلاص من الطاغوت والنجاة منه، ثم يصل الأحوص مع من نجا منهم إلى قرية (ابرشتجان) من نواحي قم، فينزل عند عين ماء وزرع، ويضرب أطنابه هناك، فيقيم بها عدة أيام خلالها تمتد إليه يد الاحسان بواسطة (خربنداد) المتولي للعين وحارسها.
خربنداد اطلع على أحوال الأحوص والقوم من خلال شخص اسمه الحباب الأزدي كان مع الأحوص يجيد اللغتين العربية والفارسية، وكان حلقة وصل بين القوم والأعاجم في تلك الأرض.
والحباب باللغة الفارسية تعني: خوشنما، وكلا اللفظين - العربية والفارسية -