ذاع صيتهم في الآفاق والأمصار. وقد عرفت قبل هذا الحديث مناظرة هشام بن الحكم عمرو بن عبيده في البصرة، وقد سبق أن ناظر الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام الرجال لما سأله في الكوفة بعد رجوعه من صفين، بل أن الرسول الله كان يحاجج اليهود والنصارى، بل أكثر من ذلك أن القرآن الكريم أمر بالجدل، لكن على سبيل المعروف، فقال تعالى: " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " (1)، وقال تعالى: " ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن " (2).
وهكذا مواقف المعصومين عليهم السلام مع خصومهم من أهل الكتاب، كاليهود، والنصارى، والمجوس، والصائبة، ومواقفهم عليهم السلام مع المشركين والكافرين.
ثانيا: أن الإمام الصادق عليه السلام ابتدأ بمناظرة الشامي قبل أصحابه، ثم اتضح أنه كان يشوق أصحابه على مثل ذلك، فقد التفت إلى يونس بن يعقوب فقال:
" يا يونس، لو كنت تحسن الكلام كلمته "، قال يونس: فيا لها من حسرة...
ثالثا: في الحديث أن الامام رفع وهما كان قد ارتكز في ذهن يونس، وذلك أنه قال للامام: جعلت فداك، إني سمعتك تنهى عن الكلام، وتقول: " ويل لأصحاب الكلام، يقولون: هذا ينقاد وهذا لا ينقاد، وهذا ينساق وهذا لا ينساق، وهذا نعقله وهذا لا نعقله "، فقال أبو عبد الله عليه السلام: وإنما قلت: " فويل لهم إن تركوا ما أقول وذهبوا إلى ما يريدون "، بمعنى أنه نهى أولئك الذين يقولون بآرائهم في مسائل الدين ويتركون ما ثبت عنهم عليهم السلام.
رابعا: يبدو من الحديث أن في عصر الإمام الصادق عليه السلام برز من علماء الشيعة رجال متكلمون قد عرفوا في الأوساط، وقد بذلوا مهجهم في إعلان مدرسة