والتقليد للآباء، والاسلاف والكبراء، والاتكال على عقولهم في دقيق الأشياء وجليلها.
فاعلم يا أخي - رحمك الله - أن الله تبارك وتعالى خلق عباده خلقة منفصلة من البهائم في الفطن والعقول المركبة فيهم، محتملة للامر والنهي وجعلهم جل ذكره صنفين... إلى أن يقول: وذكرت أن أمورا قد أشكلت عليك، لا تعرف حقائقها لاختلاف الرواية فيها، وأنك تعلم أن اختلاف الرواية فيها لاختلاف عللها وأسبابها، وأنك لا تجد بحضرتك من تذاكره وتفاوضه ممن تثق بعلمه فيها، وقلت:
إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع فيه من جميع فنون علم الدين، ما يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهما السلام، والسنن. القائمة التي عليها العمل، وبها يؤدي فرض الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، وقلت: لو كان ذلك رجوت أن يكون ذلك سببا يتدارك الله تعالى بمعونته وتوفيقه إخواننا وأهل ملتنا، ويقبل بهم إلى مراشدهم...
وقد يسر الله - وله الحمد - تأليف ما سألت، وأرجو أن يكون بحيث توخيت، فمهما كان فيه من تقصير فلم تقصر نيتنا في إهداء النصيحة، إذ كانت واجبة لإخواننا وأهل ملتنا، مع ما رجونا أن نكون مشاركين لكل من اقتبس منه، وعمل بما فيه في دهرنا هذا وفي غابره إلى انقضاء الدنيا... الخ " (1).
نستظهر من هذه الأسطر ومن غيرها، من مقدمة المصنف - رضوان الله تعالى عليه - أن دواعي تأليف هذا الكتاب:
أولا: الطلب الحثيث من بعض أهل العلم والفضل المتمسك بعرى الدين والحبل المتين، - وهم حجج الله تعالى في أرضه من أهل بيت نبيه صلوات الله