تشغيلها بل ودفنها تحت الأرض (1).
أما الحالة العلمية والفكرية فلا حاجة إلى ذكر تفاصيلها، بل المهم أن نذكر أهم حدث برز على الساحة، واستقطب جمهور العلماء والكتاب، وهو ما قام به الحلاج من حركة واسعة ادعى فيها القدرة الغيبية واظهار الكرامات.
مولد الحلاج في 244 ه، يوم كانت الصوفية في أوج ازدهارها، تقمص الحلاج شخصية الزاهد، والصوفي العابد، ولهج بكلمات وعبارات يخال الباحث أنها من أفكار الصوفية، إلا أنها كانت وسيلة لبز الأموال، والتقرب إلى الناس، على أن الرجل كان يطمع بحياة وافرة بعيدة عن الكد والعناء، مما انصرف عن الحياة العلمية والاقتصادية ليتاجر بالشعوذة والسحر.
وقد استطاع الحلاج بشعوذته وسحره أن ينفذ إلى دار الخلافة، ويتقرب إلى المقتدر وأمه شغب منذ عام 303 ه، بل وأصبح ذا مكانة مرموقة عند المقتدر، ومن الخواص في قصر الخلافة (2).
اتضح مما تقدم كيف أهمل المقتدر أحوال الخلافة، وكيف حكم فيها النساء والخدم، وفرط في الأموال، وعزل الوزراء، وولى، مما أوجب طمع أصحاب الأطراف والنواب وخروجهم عن الطاعة، وكان ما فعله مؤنس سببا لجرأة أصحاب الأطراف على الخلفاء، وطمعهم فيما لم يكن يخطر على بال أحد، وانخرقت الهيبة، وضعف أمر الخلافة (3).