يضمنها بأكثر مال، ويرخص نفسه فيتذلل للخليفة أو للحاشية من الخدم والحريم والقهرمانات. ولو ألقينا نظرة سريعة على الوزارات في عصر المقتدر لوجدنا مدى التسيب بل والاضطراب البارز فيها.
فالوزارة كانت بيد العباس بن الحسن، ثم تقلدها محمد بن موسى بن الفرات عام 296 ه، ثم تقلدها محمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان في عام 299 ه، ثم تقلدها علي بن عيسى بن الجراح عام 301 ه، ثم جاء ابن الفرات وتقلدها ثانية عام 304 ه، ثم عزل ابن الفرات وتقلدها حامد بن العباس، ثم عزل منها عام 311 ه وتقلدها ابن الفرات ثالثة، ثم عزل منها عام 312 ه وتقلدها أبو القاسم عبد الله بن محمد الخاقاني، ثم تقلدها أبو العباس أحمد بن عبيد الله الخصيبي عام 313 ه، ثم تقلدها الوزير ابن مقلة من خلال انقلاب دبره مع القاهر بالله، ثم أقره المقتدر ثانية لما فشل انقلاب القاهر بالله، ثم عزله المقتدر عام 318 ه، وتقلدها سليمان بن الحسن بن مخلد، ثم تقلدها الحسين بن القاسم بن وهاب عام 319 ه، ثم عزله وتقلدها الفضل بن جعفر بن الفرات عام 320 ه، والذي بمجيئه يشتد الخلاف بين المقتدر وقائده المبعد مؤنس بعد ما قام الوزير بدور الوساطة بين الطرفين ظنا منه أنه سيوفق إلى وئام بينهما، إلا أن الاحداث خيبت ظن الوزير، وبعدها نشبت معركة ضارية بين المقتدر ومؤنس أدت بحياة المقتدر وانتهاء خلافته التي دامت خمسا وعشرين سنة، وهي مليئة بالاحداث والفتن، وغلاء الأسعار، ونشوب الثورات، كثورة القرامطة واستقلالهم في البحرين، وحركة الخليفة المخلوع القاهر بالله، وسيطرة الفاطميين على مصر، واضطهاد الشخصيات والأسر، ومصادرة أموالهم، وتحكم الخدم والحاشية والنساء والقهرمانات في سياسة الدولة، وشيوع ظاهرة الرشوة في كل دوائر الدولة، ولم يسلم من هذه الرذيلة حتى الخليفة المقتدر وأمه شغب، وظلم الرعية، وتدهور الحالة الاقتصادية بسبب تعطيل الأموال وعدم