وذكر ابن خلكان الشامي في تاريخه وفيات الأعيان في ترجمة أبي الحسن علي بن محمد بن علي الطبري الشافعي المعروف بالكيا: أنه سئل عن يزيد بن معاوية، فقال: انه لم يكن من الصحابة، لأنه ولد في زمن عمر بن الخطاب.
وأما قول السلف، ففيه لأحمد قولان تلويح وتصريح، ولمالك قولان تلويح وتصريح، ولأبي حنيفة قولان تلويح وتصريح، ولنا قول واحد التصريح دون التلويح، وكيف لا يكون كذلك؟ وهو اللاعب بالنرد، والمتصيد بالفهود، ومدمن الخمر، وشعره في الخمر معلوم، ومنه قوله:
أقول لصحب ضمت الكأس شملهم * وداعي صبابات الهوى يترنم خذوا بنصيب من نعيم ولذة * فكل وان طال المدى يتصرم وكتب فصلا طويلا، ثم قلب الورقة وكتب: لو مددت ببياض لمددت العنان في مخازي هذا الرجل، وكتب فلان بن فلان.
ثم قال ابن خلكان: وقد أفتى الإمام أبو حامد الغزالي في مثل هذه المسألة بخلاف ذلك، فإنه سئل عمن صرح بلعن يزيد هل يحكم بفسقه أم هل يكون ذلك مرخصا له؟ وهل كان مريدا قتل الحسين (عليه السلام) أم كان قصده الدفع؟ وهل يسوغ الترحم عليه أو السكوت عنه أفضل؟ ينعم بإزالة الاشتباه مثابا.
فأجاب: لا يجوز لعن المسلم أصلا، ومن لعن مسلما فهو الملعون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المسلم ليس بلعان. ولا يجوز لعن البهائم، وقد ورد النهي عن ذلك، وحرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة بنص النبي (صلى الله عليه وآله)، ويزيد صح اسلامه، وما صح قتله الحسين، ولا أمره ولا رضاه بذلك، ومهما لم يصح ذلك منه لا يجوز أن يظن ذلك به، فان إساءة الظن بالمسلم حرام.
ومن زعم أن يزيد أمر بقتل الحسين أو رضي به، فينبغي أن يعلم أن به غاية الحماقة، فان من قتل من الأكابر والوزراء والسلاطين في عصره لو أراد أن يعلم حقيقة من الذي أمر بقتله، أو من الذي رضي به، ومن الذي كرهه، لم يقدر على