وتنشق منه الصخور، ويبقى سوء عمله على كر الشهور ومر الدهور، فلعنة الله على من باشر، أو رضي، أو سعى، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.
ثم قال: فان قيل: من علماء المذهب من لا يجوز اللعن على يزيد مع علمهم بأنه يستحق ما يربو على ذلك ويزيد.
قلنا: تحاميا عن أن يرتقى إلى الأعلى فالأعلى، كما هو شعار الروافض على ما يروى في أدعيتهم، ويجري في أنديتهم، فرأى المعتنون بأمر الدين الجام العوام بالكلية طريقا إلى الاقتصاد في الاعتقاد، وبحيث لا تزل الأقدام عن السواء، ولا تضل الأفهام بالأهواء، والا فمن يخفى عليه الجواز والاستحقاق؟ وكيف لا يقع عليهما الاتفاق؟
وهذا هو السر فيما نقل عن السلف من المبالغة في مجانبة أهل الضلال، وسد طريق لا يؤمن أن يجر إلى الغواية في المآل، مع علمهم بحقيقة الحال وجلية المقال، وقد كشف لنا ذلك حين اضطربت الأحوال واسترابت (1) الأهوال، وحيث لا متسع و مجال، والمشتكى إلى الله عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال (2) انتهى كلامه.
وهو يعطي أن امتناعهم عن لعن يزيد ليس تزكية له وتنزيها عن أن ينتظم في سلك الملاعين، بل لأنهم علموا أن المفاسد الصادرة منه راجعة إلى أبيه، لأن ولايته من قبله مع علمه بعدم صلوحه لها، وهو من قبل عمر وعثمان، وهما من قبل أبي بكر، فترجع المفاسد كلها إليه في الحقيقة، فلو لعنوا يزيد لبدعه الفضيعة لانجر الأمر إلى لعن هؤلاء الطواغيت. ولقد أنصف التفتازاني في هذا الكلام كل الانصاف على رغم أنفه.
وبالجملة فأصل جميع هذه المفاسد الممتدة الرواق، والفتن المشيدة النطاق،