جهاده مع علي (عليه السلام) باجتهاده، ولا كان معذورا فيه بل متعمدا عالما.
منها: ما ذكره في آخر سورة يونس عند قوله تعالى ﴿واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين﴾ (١) قال ما هذا لفظه: روي أن أبا قتادة تخلف عن تلقي معاوية حين قدم المدينة وقد تلقته الأنصار، ثم دخل عليه من بعد فقال له: مالك لم تلقنا؟
قال: لم تكن عندنا دواب، قال: فأين النواضح؟ قال: قطعناها في طلبك وطلب أبيك يوم بدر، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا معشر الأنصار انكم ستلقون بعدي أثرة، قال معاوية: فماذا قال؟ قال: فاصبروا حتى تلقوني، قال: فاصبر، قال: اذن نصبر، فقال عبد الرحمن بن حسان:
ألا أبلغ معاوية بن حرب * أمير الظالمين نثا كلامي بأنا صابرون فمنظروكم * إلى يوم التغابن والخصام (٢) ومن كان هذا حاله كيف يدعي خليفة بالحق ومطاعنه كثيرة، وقد أشرنا إلى بعضها في صدر الكتاب في ذيل الحديث التاسع، وقد نقلنا عن كتاب الموفقيات ما هو صريح في كفره لعنه الله، وحسده الرسول (صلى الله عليه وآله).
وقد روى العامة عنه أيضا أنه كان يبذل الجوائز العظيمة لمن يروي حديثا في فضائل الخلفاء الثلاثة، أوفي مذمة علي (عليه السلام)، أو يحول مناقبه (عليه السلام) إلى أحدهم.
وقد نقل الشيخ عبد الحميد بن أبي الحديد المدائني في شرح نهج البلاغة، عن أبي جعفر الإسكافي، وهما من أكابر علماء المخالفين: أن معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم حتى يروي أن هذه الآية نزلت في علي (عليه السلام) ﴿ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد﴾ (3) وأن