إلى آخر كلامه، نص صريح في فهمه هذا المعنى، وفي قيام عرق الحسد في وجهه، وخوض الصحابة في من يعطاها، ورجاء كل منهم أن يكون هو المعني، كما نطقت به الأخبار التي نقلناها شواهد صدق على أن المراد اختصاص هذا الوصف به (عليه السلام) وعلى فهمهم أن من قيل فيه هذا القول لا يشق غباره ولا يدرك شأوه، وأنه أفضل الصحابة وأحقهم بالإمامة.
وما نقله الناصبان المعاندان القاضي في المواقف والشريف في شرحه، من انهزام أبي بكر وعمر وفرارهما من الزحف، وغضب النبي (صلى الله عليه وآله) لذلك شاهدا صدق على فسقهما، واقترافهما للكبيرة، وخروجهما عن الصلاحية لامارة عسكر ورئاسة جيش، فكيف يصلحان للإمامة التي هي الرئاسة العامة في أمور الدين والدنيا والخلافة العظمى والسياسة الكبرى؟
وما نقله ابن الصباغ المالكي عن اليافعي الشافعي، أنه نقل عن علمائهم وشياطينهم أنهم قالوا: إنما كان محبة عمر لها لما دلت عليه من محبة الله ورسوله، ومحبتهما له أدل دليل على اختصاصه (عليه السلام) بهذا الوصف على تقدير تسليم ذلك، والا فالتحقيق أن حب الطاغوت للامارة يومئذ إنما هو لارتماسه في الكدورات الشهوية، وانهماكه في اللذات الدنيوية، فان حب الدنيا رأس كل خطيئة.
ومن أعجب العجائب وأغرب الغرائب أن القاضي المتعصب الناصب في المواقف أورد هذا الخبر من طرق القائلين بقوله بكونه صلوات الله عليه أفضل الصحابة، وهم الشيعة وأكثر متأخري المعتزلة ومن وافقهم، وقرره المحقق الشريف بأن ذلك الذي حكيناه يدل على أن ما وصفه به لا يوجد في غيره، ويلزم منه أن يكون أفضل ممن عداه.
ثم أجاب القاضي بأن نفي هذا المجموع عمن سواه لا يجب أن يكون بنفي كل جزء منه، بل يجوز أن يكون بنفي كونه كرارا غير فرار، ولا يلزم حينئذ الا فضيلة مطلقا بل في كونه كرارا غير فرار، كذا قرره الشريف.