شئ فالمقداد. فأما سلمان، فإنه عرض في قلبه أن عند أمير المؤمنين (عليه السلام) اسم الله الأعظم، ولو تكلم به لأخذتهم الأرض. وأما أبو ذر، فأمره أمير المؤمنين (عليه السلام) بالسكوت، ولم تأخذه في الله لومة لائم، فأبى الا أن يتكلم (1).
وهذا الخبر مما يدلك على ضعف ايمان أكثر الصحابة، ومن ثم تطرق إليه الفتور الذي عبر عنه (عليه السلام) بالارتداد تجوزا ومبالغة.
فظهر اختصاصه (عليه السلام) بدرجة المحبة ومزيد الاخلاص، واستبان انفراده بدرجات اليقين، وطبقات الاختصاص.
ثم ليس نصبه (عليه السلام) في غزاة تبوك، واستخلافه (صلى الله عليه وآله) على المدينة، وقوله له (عليه السلام) (ان المدينة لا تصلح الا بي أو بك) كما رواه الفريقان، الا بمنزلة النص عليه بالإمامة، وتعيينه للخلافة. ولعمري أنهم قد فهموا ذلك، ولكن طبع الشيطان على قلوبهم، فعولوا على أهوائهم السخيفة، وخيالاتهم الضعيفة، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
ومن أعجب العجائب أن عمدة عظمائهم، وواسطة عقد فضلائهم أبا حامد الغزالي (2) الملقب عندهم بحجة الاسلام، ذكر في كتابه المسمى بالمستصفى: أن الصحابة إنما بايعوا أبا بكر، لأنهم قاسوا الإمامة العامة على امامة الصلاة (3)، لأنه (عليه السلام) قدمه يصلي بالناس.