ويزعمون أنه حابا ابن عمه، وأخبار الخصوم صريحة في كراهة الصحابة لتعيينه له (عليه السلام)، فيمكن ادعاء أن التأكيد مقتضى الظاهر، فتأمل.
ثم إنه ثنا ذلك بالاخبار بأنه (صلى الله عليه وآله) هو المتصرف في شؤونهم والمتولي لأحكام دينهم ودنياهم، فقال: وأنا أولى بكم من أنفسكم.
ثم ثلث بالاخبار بأن أمير المؤمنين وباب مدينة العلم أولى بالتصرف في كل من هو (صلى الله عليه وآله) أولى به من نفسه، وقدم عليه المقدمتين الأولتين لما يعلمه منهم من أنهم لا تطيب أنفسهم بتقديمه (عليه السلام) عليهم، فسجل عليهم بهما، وقطع بهما عرق الاختيار، وحسم بهما مادة الرجوع إلى الأهواء الشيطانية، وأوجب التسليم إلى الله سبحانه والى الرسول (صلى الله عليه وآله)، وعدم التعرض لنقض شئ مما أبرمناه، وهذا واضح عند المتأمل بعين البصيرة.
وكذا التأمل في الخبر الذي رواه ابن المغازلي الفقيه في كتاب المناقب، عن جابر بن عبد الله الأنصاري (1)، فإنه نص صريح في إمامته (عليه السلام)، لا سيما قوله في آخره:
وان عليا لعلم للساعة لك ولقومك وسوف تسألون عن علي (عليه السلام).
ومن تأمل في الخبر الذي رواه الزهري لم يذهب عليه أنه صريح في الإمامة بل نص فيها، حيث استفسر النبي (صلى الله عليه وآله) فيه الصحابة عن أولى الناس بالمؤمنين أربع مرات، وفي كل مرة يجيبونه بأن الله ورسوله أولى بالمؤمنين، كل ذلك تأكيدا للحجة وقطعا للأعذار، ولو كان المراد بالمولى أحد تلك المعاني الاخر لم يحتج إلى هذه التأكيدات البليغة والاستفسارات الكثيرة، كما لا يخفى على ذي البصيرة الثاقبة.
وأما ثالثا، فلأن الصحابة فهموا من ذلك ما فهمناه، وتحققوا أن مراده هو ما رسمناه دون بقية معانيه، لأنهم هنوا عليا (عليه السلام) بذلك على وجه بليغ، والتهنأة غير