مجمع البيان (١) في تفسير قوله تعالى ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم﴾ (2) والجامع بينها إرادة الأولى بالتصرف المطلق في أحكام الدين والدنيا، فتقدم هذه المقدمة التي هي كالقاعدة الممهدة، والضابطة المقررة على الجملة التي نحن بصدد الكلام عليها من أقوم الشواهد، وأدل الدلائل على أن المراد بالمولى هو الأولى بالتصرف المطلق بعده (صلى الله عليه وآله)، والا لم يكن لتقدم تلك المقدمة والعطف عليها بالفاء المفرعة، كما جاء في بعض الطرق المذكورة في مناقب الفقيه ابن المغازلي معنى وفائدة معتد بها.
وأيضا فالمولى في مقدم الشرطية لا يراد به الا الأولى بالتصرف جزما، والا لكان كلاما مزدولا، وقولا مغسولا منحولا، فيتعين إرادة هذا المعنى في تالي القضية ليحسن التفريع ويسوغ الترتب والتلازم المستفاد من الشرطية، فلا تغفل.
وكذا التأمل في الخبر الأول الذي أورده أبو الفتوح في موجزه، ويشهد بذلك وينادي به، حيث قال (صلى الله عليه وآله) فيه: أيها الناس ان الله مولاي وأنا أولى بكم من أنفسكم، ألا ومن كنت مولاه فعلي مولاه.
لأنه ابتدأ (صلى الله عليه وآله) بالاخبار بأن المتصرف في أمره كله، والمالك لأزمة شؤونه، هو الواجب المطلق والمعبود بالحق جل شأنه، ليستفاد منه أنه (صلى الله عليه وآله) في كل أحواله وعامة تصرفاته متابع للوحي الإلهي، ومشايع للأمر الرباني، وانه لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى.
ولعل تأكيده ب (أن) والجملة الاسمية، مع أن الحكم المذكور مما لا ريب فيه، لتنزيل الصحابة بمنزلة المنكرين لهذا الحكم، لتثاقلهم عن الحق وكراهتهم لنصبه (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) علما للناس، حتى كأنهم ينكرون أنه وحي من الله سبحانه،