وفيما قدمناه كفاية في اسقاط هذا الوهم وابطال الشبهة، وحديث الغدير المروي في أسانيدهم وأصحتهم نص في خلافه.
ومن البعيد بل من المقطوع بفساده أن يقوم (صلى الله عليه وآله) في هذا الوقت الشديد الحر، وينزل في غير كلاء وماء للتنبيه على هذا المعنى السخيف، ولم يدع أحد من محدثي العامة هذه القصة السخيفة، ولم نقف عليها في شئ من مصنفاتهم سوى النهاية التي هي نهاية الغواية وغاية العماية.
وبعض المخالفين نقل أن تلك القصة المختلقة (1) مع زيد لا أسامة، وهذا يزيد فاسدا بأن زيدا قتل في سرية مؤتة (2) سنة ثمان من الهجرة، وهذا الكلام في حجة الوداع سنة عشر، فأين أحدهما من الاخر. ولو سلم صحة هذه القصة المختلقة بوجهها، لجاز أن يكون قال (عليه السلام) ذلك لهذا السبب في وقت آخر غير يوم الغدير.
ثم نقول لهذا الرجل الجاهل والمتجاهل: انه على هذا التقدير، فالخبر يدل على إمامته (عليه السلام)، واستحقاقه للخلافة، لأن حقيقة الحديث غير مرادة قطعا، لأن من أعتقه رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يكون علي (عليه السلام) معتقا له على سبيل الحقيقة.
فإما أن يقال: إنه كناية عن فرط الاتحاد وزيادة الاختصاص، الموجبة لتساويهما في جميع الأمور والتصرفات.
أو يقال: المراد بالمولى هو الأولى بالتصرف، وهو الذي يساعد عليه كمال بلاغته (عليه السلام)، كما ورد عنه (صلى الله عليه وآله) من قوله: أوتيت جوامع الكلم (3). والحق أنه في إمامته (عليه السلام) كالشمس في رابعة النهار.