الإمامة.
قلت: من كان له حظ من الادراك والشعور إذا خلع ربقة التقليد والعصبية لا يشتبه عليه أن المراد بالمولى في الحديث المذكور هو الأولى بالتصرف.
أما أولا، فلأنه معنى مشهور بين أهل اللغة متداول بينهم، ذكره أبو عبيدة وغيره من أئمة أهل اللغة. وفي الخبر: أيما امرأة نكحت بغير اذن مولاها (1). أي: الأولى بها والمالك لتدبير أمرها، وقال الأخطل في حق عبد الملك يمدحه:
فأصبحت مولاها من الناس كلها * وأحرى قريش أن تهاب وتحمدا وتقول: السيد مولى العبد، أي: الأولى بأمره وقال أبو العباس محمد بن يزيد المبرد في كتاب العبارة عن صفات الله تعالى: أصل الولي الذي هو أولى أي: أحق، ومثله المولى، نقله عنه أمين الاسلام أبو علي الطبرسي في تفسيره الكبير (2).
والمنقول عن الفراء في كتاب معاني القرآن نحوه. وهو بهذا المعنى اسم لا صفة، ليعترض بأنه من صيغة اسم التفضيل، وانه لا يستعمل استعماله.
وأما ثانيا، فلأن صدر الخبر يدل على إرادة هذا المعنى، وهو قوله (صلى الله عليه وآله) (ألست أولى بكم من أنفسكم) ومعنى كونه (صلى الله عليه وآله) أولى بالمؤمنين من أنفسهم: إما كونه أحق بتدبيرهم، وحكمه عليهم أنفذ من حكمهم على أنفسهم خلاف ما حكم به، لوجوب طاعته التي هي مقرونة بطاعة الله تعالى، كما نقل عن أبي زيد، أو أنه أولى بهم في الدعوة، فإذا دعاهم النبي (صلى الله عليه وآله) إلى شئ ودعتهم أنفسهم إلى خلافه كانت طاعته أولى بهم من طاعة أنفسهم، كما نقل عن ابن عباس وعطاء، أو أن حكمه عليهم أنفذ من حكم بعضهم على بعض.
وهذه الوجوه نقلها شيخنا أمين الاسلام الطبرسي - عطر الله مرقده - في كتاب