زائلة عن جميع الأماثل وذوي البصائر، ولم يشتبه أمرهم الا على أغنام وطغام (1) لا اعتبار لهم ولا فكر في نصرة مثلهم وتعين الغرض في قتالهم ومجاهدتهم للأسباب التي ذكرناها.
وليس هذا ولا شئ منه موجودا في من تقدم، بل الأمر فيه بالعكس مما ذكرناه، لأن الجمهور والعدد الجم الغفير كانوا على موالاتهم وتعظيمهم وتصويبهم في أقوالهم وأفعالهم، فبعض للشبهة، وبعض للانحراف عن أمير المؤمنين والمحبة لخروج الأمر عنه، وبعض لطلب الدنيا وحطامها ونيل الرئاسات فيها.
فمن جمع بين الحالتين وسوى بين الوقتين كمن جمع بين المتضادين، فكيف يقال هذا ويطلب منه (عليه السلام) من الانكار على من تقدم مثل ما وقع منه متأخرا في صفين والجمل، وكل من حارب معه (عليه السلام) في هذه الحروب الا القليل كانوا قائلين بامامة المتقدمين عليه صلوات الله عليه، وفيهم من يعتقد تفضيلهم على سائر الأمة، فكيف ينتصر ويتقوى في اظهاره الانكار على من تقدم بقوم هذه صفتهم (2) انتهى كلامه ملخصا.
وهو في غاية المتانة، وسيأتي في الحديث الثاني والعشرين تفصيل الأحوال التي جرت يوم السقيفة، وتفصيل الدلالات القاطعة على الاكراه، وشدة التقية ووفور الأعداء، وارتداد أكثر الصحابة، وتخاذلهم، وقلة الناصر منهم، فترقبه.
ومما يشهد بأن تركه (عليه السلام) لمنازعة المتلصصين والطواغيت الثلاثة وعدم محاربتهم لهم ليس الا لعدم المكنة، وان امساك يده كان مصلحة للدين واحتياطا للمسلمين، ما روي عنه (عليه السلام) أنه قال: اني أغضيت وصبرت اقتداء بالأنبياء: مثل جلوس