المكنة، لاتجه أن يقال: لم لا أبلى وأعذر واجتهد؟ فإنه إذا لم يصل إلى مراده بعد الاعذار والاجتهاد كان معذورا.
ثم قالوا: أوليس هو (عليه السلام) حارب أهل البصرة وفيهم عائشة زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وطلحة والزبير، ومكانهما من الاختصاص والصحبة والتقدم مكانهما، ولم يحشمه ظاهر هذه الأحوال من كشف القناع في حربهم، حتى أتى على نفوس أكثر أهل العسكر.
وهو المحارب (عليه السلام) لأهل صفين مرة بعد أخرى، مع تخاذل أصحابه وتواكل أنصاره، وهو أنه في أكثر مقاماته ومواقفه لا يغلب في ظنه الظفر، ولا يرجو لضعف من معه النصر، وكان مع ذلك كله مصمما ماضيا قدما لا تأخذه في الله لومة لائم، ولم يظهر منه شئ من ذلك مع من تقدم والحال عندكم واحدة، بل لو قلنا كانت أغلظ وأفحش، لأنها كانت مفتاح الشر، ورأس الخلاف، وسبب التبديل والتغيير على زعمكم.
وقد أجاب أصحابنا عن ذلك بوجوه صحيحة وطرق مليحة.
منها: ما ذكره أبو القاسم الأجل المرتضى علم الهدى ذو المجدين عطر الله مرقده في كتابه تنزيه الأنبياء، وملخصه: أن الأئمة (عليهم السلام) معصومون عندنا من كبائر الذنوب وصغائرها، للدليل العقلي القاطع، وقد أشرنا إليه فيما سبق، فمتى ورد عن أحدهم (عليهم السلام) ما ظاهره أنه ذنب أو خطيئة، وجب أن نصرفه عن ظاهره، ونحمله على ما يوجبه الدليل العقلي.
ولما ثبت أن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) امام معصوم عن الخطأ والزلل، وجب حمل جميع أفعاله على الوجه الصحيح المحسن، والنمط المصحح المسوغ، فان علمنا وجهه على وجه التفصيل فذاك، والا كفانا في ذلك الأمر الاجمالي والعلم الحملي، بأن الظاهر غير مراد أنه ذو محمل صحيح ووجه سائغ.
ثم قال نور الله ضريحه: وهذه الجملة كافية في جميع المشتبه من أفعال