فاطمة (عليها السلام) عاتبته على ما حصل لها من القهر بمنعها ارثها، حتى قالت له: ما كنت شجاعا الا بأبي، فأمهلها حتى أذن المؤذن، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وجذب بعض ذي الفقار وقال لها: أيما أحب إليك ذكر أبيك هكذا إلى يوم القيامة أم تعود جاهلية؟ فقالت: رده يا أبا الحسن.
وهذا بعينه ذكره ابن أبي الحديد المعتزلي في آخر شرح نهج البلاغة.
ثم قال (1) قدس الله روحه: ثم قد ذكرنا في كتابنا في الإمامة من أسباب الخوف وامارات الضرر التي تناصرت بها الروايات ووردت من الجهات المختلفة ما فيه مقنع للمتأمل، وانه (عليه السلام) غولط في الأمر وسوبق إليه وانتهزت غرته (3)، واغتنمت الحال التي كان فيها متشاغلا بتجهيز النبي (صلى الله عليه وآله) وسعى القوم إلى سقيفة بني ساعدة، وجرى لهم فيها مع الأنصار ما جرى، فتم لهم عليه، كما اتفق من بشر بن سعد ما تم وظهر.
وإنما توجه لهم من قهرهم الأنصار ما توجه، أن الاجماع قد انعقد على البيعة، وأن الرضا وقع من جميع الأمة، وروسل أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن تأخر معه من بني هاشم وغيرهم مراسلة بليغة، وألزموا بالبيعة الزاما لا اختيار فيه تهددوه على التأخر بأنواع التهديدات وأصناف التوعدات، وهذه امارات بل دلالات قاطعة على أن الضرر في الانكار على القوم شديد والخطب عظيم.
بل نقول: إذا كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد نص على أمير المؤمنين بالإمامة والوصية في مقامات شتى ومواضع متعددة بكلام لا يحتمل التأويل، ثم إنهم مع سماعهم النصوص واستفاضتها بينهم على وجه لا يجحده ذو تحصيل أقبلوا بعد وفاته (صلى الله عليه وآله) بلا فصل يتنازعون في الأمر تنازع من لم يعهد إليه بشئ فيه، ولم يسمع نصا على