المسلمون يد على من سواهم، يجير عليهم أدنا هم، ويرد عليهم أقصاهم (1) ترد سرايا هم على قعدهم (2) لا يقتل مؤمن بكافر، ودية الكافر نصف دية المؤمن، ولا جلب ولا جنب (3) ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم.
(١) قيل في معنى ذلك أن أقصى المسلمين وهو أبعدهم يرد الغنيمة إلى أقربهم فجعله بمعنى قوله " ترد سرايا هم على قعيدهم وقيل: ان المسلم وإن كان قاصي الدار عن بلاد الكفر إذا عقد للكافر عقدا في الأمان لم يكن لاحد نقضه وإن كان أقرب دارا إلى ذلك الكافر.
والظاهر عندي أن المراد بقرينة ما قبله وما بعده أن لاقصى أفراد المسلمين وأبعدهم من الجماعة أن يحضر في شوراهم ويتكلم بما يحضره من النصيحة لهم ويرد عليهم آراءهم ويخطئهم، أو يحضر مجامعهم فإذا رأى منكرا رد عليهم وصرفهم إلى الحق، ولو كان قاصيا وليس لاحد النكير عليه بقول: ما أنت وذاك؟ وأشباهه.
(٢) في الأصل والمصدر: قعدهم، وفى المشكاة قعيدهم وكلاهما بمعنى، و " قعد " محركة جمع قاعد كخدم وخادم والمراد أن السرايا وهو جمع السرية يعنى الأفواج يبعثون ههنا وههنا ليغيروا على العدو، إذا غنموا لا يقتسمون الغنيمة بينهم أنفسهم، بل يردونها إلى أميرهم الباعث لهم في حوزتهم الحامية لهم وفئتهم التي إذا انهزموا لجأوا إليهم فيكون الغنيمة بينهم سواء.
(٣) الجلب والجنب - كلاهما بالتحريك وقد قيل في معناهما وجوه والذي عندي بقرينة أن الجلب والجنب متخالفان أن المصدق ليس له أن ينزل منزلا فيأمر أصحاب الصدقة أن يجلبوا نعمهم إليه، وإذا جلبوا إليه من أنفسهم رفاهية له أولا نفسهم ليس له أن يبعدهم ويقول لهم: اذهبوا إلى مراتعكم فإذا جئتكم فاعرضوا نعمكم على، أو يكون الجلب بمعنى جمع المتفرق والجنب تفريق المجتمع وزان قوله صلى الله عليه وآله في سائر الروايات لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع. ومما روى عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: لاجلب ولا جنب ولا شغار في الاسلام " تراه في معاني الأخبار: ٢٧٤، مشكاة المصابيح 255 فالمراد بالجلب والجنب ما هو في الرهان والسباق كما في بعض الروايات " لا جلب ولا جنب في الرهان " لافى الزكاة فالجلب أن يركب فرسه رجلا فإذا قرب من الغاية تبع فرسه فجلب عليه وصاح به ليكون هو السابق، وهو ضرب من الخديعة والجنب أن يجنب الرجل مع فرسه فرسا آخر لكي يتحول عليه ان خاف أن يسبق على الأول ذكرهما الجوهري في الصحاح.