الصحيفة العشرون صحيفة المحبة طوبى لقوم عبدوني حبا، واتخذوني إلها وربا، سهروا الليل ودأبوا النهار طلبا لوجهي من غير رهبة ولا رغبة، ولا لنار ولا جنة، بل للمحبة الصحيحة، و الإرادة الصريحة، والانقطاع عن الكل إلي، والاتكال من بيع الجميع علي، فحق على أن أسبرهم طويلا، واحملهم من حبى عبأ ثقيلا، وأسبكهم سبك الذهب في النار، فإذا استوى منهم الاعلان والاسرار، وانقطعت من إخوانهم وصائلهم، و تصرمت من الدنيا علائقهم وصائلهم، هنالك أرفع من الثرى خدودهم، واعلى في السماء جدودهم، انضر معادهم، وأبلغهم مرادهم، وأجعل جزاءهم أن أحقق رجاءهم، وأعطيهم ما كانت عبادتهم من أجله، وأنا صادق الوعد لا اخلف.
الصحيفة الحادية والعشرون صحيفة المعاد سبحان من خلق الانسان من ماء مهين ثم جعل حياته في ماء معين، وتبارك الذي رفع السماء بغير عمد تقلها، ولا معاليق ترفعها، إن لكم أيها الناس في الشجر الذي يكتسي، بعد تحات الورق ورقا ناضرا، ويلبس بعد القحول زهرا زاهرا ويعود بعد الهرم شابا، وبعد الموت حيا، ويستبدل بالقحل نضارة، وبالذبول غضارة، لأعظم دليل على معادكم، فما لكم تمترون؟ ألم تواثقوا في الأظلال و الأشباح، وأخذ العهد عليكم في الذر والنشور، وترددتم في الصور، وتغيرتم في الخلق، وانحططتم من الأصلاب، وحللتم في الأرحام، فما تنكرون من بعثرة الأجداث، وقيام الأرواح، وكون المعاد، وكيف تشكون في ربوبية خالقكم الذي بدأكم ثم يعيدكم، وأخذ المواثيق والعهود عليكم، وأبدأ آياته لكم، و أسبغ نعمه عليكم، فله في كل طرفة نعمة، وفي كل حال آية، يؤكدها حجة عليكم، ويوثق معها إنذارا إليكم، وأنتم في غفلة سامدون، وعما خلقتم له وندبتم إليه لاهون، كأن المخاطب سواكم، وكأن الانذار [بمن] عداكم، أتظنون أني هازل أو عنكم غافل؟ أو أن علمي بأفعالكم غير محيط؟ أو ما تأتون به من خير وشر يضيع؟
كلا خاب من ظن ذلك وخسر، والله هو العلي الأكبر.