كحلم النائم، ومجرى السراب، لم يحصل منه عند انقضائه إلا على تبعة حساب ومكابدة خلود العذاب.
أما علمتم أنه انتقل من الفاني إلى الباقي الذي لا يبيد، وأنه محاسب على النقير والقطمير، وملاق حزنا عظيما، وخوفا، شديدا، وصائر إلى إعوار جهنم المملوة ظلمة وحريقا، ومكابد هناك عسرا وضيقا، فما تغبطون المسكين على قليل ما نال من دنياه في جنب عظيم ما نال من تبعته وأذاه في دار دائمة خالدة غير فانية ولا بائدة أيها الأئمة الخطاة الظلمة لا تظنن أنكم غير مطلوبين أو غير محاسبين ومعاقبين على ما ارتكبتم من المآثم، وآتيتم من العظائم، وفعلتم من الظلم، وسننتم من الفساد فان جميع آثامكم وسيئاتكم مكتوب بين يدي الديان، ومحفوظ عليكم وغير منسى ولا متروك، وأنتم مدينون، وعلى ما آتيتم معاقبون وديانكم عالم بالسرائر، عارف بالضمائر، لا يخفى عليه خافية، ولا تقى من سخطته واقية، وهو الفتاح الفعال العليم.
الصحيفة الثامنة والعشرون صحيفة القرون يا أخنوخ! قل للناس أتقدرون أن الله لم يخلق سواكم، أوليس له عالم ما عداكم؟ لقد خلت قبلكم قرون، وبادت قبائل وبطون، فما نقصوا الله سلطانه.
الصحيفة التاسعة والعشرون صحيفة العياذ عذ بالله من الأسقام والعلل، من الدقع والخجل، من الزيغ في الدين ومن التهالك في الهوى ومن الشيطان الطاغي، والسلطان الباغي، والدين المجحف والغريم الملحف، واغسل قلبك بالتقوى كما تغسل ثيابك بالماء، وإن أحببت روحك فاجتهد في العمل لها، ونق من الدغل طريقها، وشك (1) بها من السفل إلى العلو، ومن الموت إلى الحياة، واتعب تسترح، واتجر مع الغنى الوفي تربح، واستهن تملك الدنيا زخرفها التي تسرع إلى الزوال، وهي بعرض الانتقال، ولا تفه بغناها المؤدي إلى الفقر، وعماراتها الصائرة إلى القفر، واستخف بالأنساب الولادية والأسباب الدنيوية، التي تنقطع في الآخرة ولا تثبت، ولا تتصرم في المعاد ولا