بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على نعمته، وصلاته على محمد وعترته، قال أحمد بن حسين بن محمد المعروف بابن متويه: وجدت هذه الصحف بالسورية مما أنزلت على إدريس النبي أخنوخ صلى الله على محمد وعليه وكانت ممزقة ومندرسة، فتحريت الاجر في نقلها إلى العربية بعد أن استقصيت في وضع كل لفظة من العربية موضع معناها من السورية، وتجنبت الزيادة والنقصان، ولم أغير معنى لتحسين لفظ أو تقدير سجع، بل توخيت إيراده كهيئته من غير نقص ولا زيادة، وعلى الله التوكل وبه الاستعانة، وله الحول والقوة، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
الصحيفة الأولى وهي صحيفة الحمد الحمد لله الذي ابتدأ خلقه بنعمته، وأسبغ عليهم ظلال رحمته، ثم فرض عليهم شكر ما أدى إليهم، ووفقهم بمنه لأداء ما فرض عليهم، ونهج لهم من سبيل هدايته ما يستوجبون به واسع مغفرته، فبتوفيقه قام القائمون بطاعته، وبعصمته امتنع المؤمنون من معصيته، وبنعمته أدى الشاكرون حق نعمته، وبرحمته وصل المسلمون إلى رحمته.
فسبحان من لا يستجار منه إلا به، ولا يهرب منه إلا إليه، وتبارك الذي خلق الحيوان من ماء مهين، وجعلهم في قرار مكين، ثم صيرهم متبائنين في الخلق والأخلاق، وقدر لهم ما لا مغير له من الآجال والأرزاق، له سبحت السماوات العلى، والأرضون السفلى، وما بينهما وما تحت الثرى، بألسن فصح وعجم (1) وآثار ناطقة وبكم، تلوح للعارفين مواقع تسبيحها، ولا يخفى على المؤمنين سواطع تقديسها، فله في كل نظرة نعم لا تحد، وفي كل طرفة آلاء لا تعد