ضلت الافهام في جبروته، وتحيرت الأوهام في ملكوته، فلا وصول إليه إلا به ولا ملجأ منه إلا إليه، ذلكم الله رب العالمين.
الصحيفة النانية صحيفة الخلق فازيا أخنوخ من عرفني، وهلك من أنكرني، عجبا لمن ضل عنى وليس يخلو في شئ من الأوقات مني، كيف يخلوا وأنا أقرب إليه من كل قريب، وأدنى إليه من حبل الوريد، ألست أيها الانسان العظيم عند نفسه في بنيانه، القوي لدى همته في أركانه، مخلوقا من النطفة المذرة، ومخرجا من الأماكن القذرة، تنحط من أصلاب الاباء كالنخاعة إلى أرحام النساء، ثم يأتيك أمري فتصير علقة، لو رأتك العيون لاستقذرتك، ولو تأملتك النفوس لعافتك، ثم تصير بقدرتي مضغة لا حسنة في المنظر، ولا نافعة في المخبر، ثم أبعث إليك أمرا من أمري، فتخلق عضوا عضوا وتقدر مفصلا مفصلا، من عظام مغشية، وعروق ملتوية، وأعصاب متناسبة، و رباطات ماسكة، ثم يكسوك لحما ويلبسك جلدا تجامع من أشياء متبائنة، وتخلق من أصناف مختلفة.
فتصير بقدرتي خلقا سويا لا روح فيك تحركك، ولا قوة لك تقلك، أعضاؤك صو بلا مرية (1) وجثث بلا مرزبة (2) فأنفخ فيك الروح، وأهب لك الحياة، فتصير باذني إنسانا، لا تملك نفعا ولا ضرا، ولا تفعل خيرا ولا شرا، مكانك من أمك تحت السرة، كأنك مصرور في صرة إلى أن يلحقك ما سبق مني من القضاء، فتصير من هناك إلى وسع الفضاء، فتلقى ما قدرك من السعادة أو الشقاء، إلى أجل من البقاء