المرسلات: وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون * ويل يومئذ للمكذبين (1).
تفسير: (واركعوا مع الراكعين) قال الطبرسي - رحمه الله - (2) الركوع الانحناء والانخفاض في اللغة (3) وقال ابن دريد الراكع الذي يكبو على وجهه، ومنه
(١) المرسلات: ٤٨.
(2) مجمع البيان ج 1 ص 97.
(3) وأصل الركوع هو الانحناء، وهو بالنسبة إلى الانسان لا يكون الا إلى القدام حيث إن قامته يتكسر طبعا وخلقة بتكسر عجزه إلى خلف فيتحصل الانحناء إلى قدام.
ولانحنائه حد محدود بالطبع والفطرة، وهو عندما يصل الكفان إلى الركبتين حتى يردهما إلى خلف ويعتمد عليهما بثقل البدن ليستقر كل عضو موضعه الفطري الطبيعي ويحصل الطمأنينة والاستقرار طبعا.
ولولا ذلك لكان تماسك ثقل البدن في الهواء بتجاذب أوتار الأعصاب قسريا فيكون الركوع غير طبيعي كالذي يسجد ولا يمكن جبهته من الأرض وإنما يماسها بالأرض بتماسك الأعصاب، أو يقوم على احدى رجليه ويتكئ عليها بثقله ويجعل الأخرى كالشلاء تماس الأرض من دون اعتماد عليها، أو يقعد للتشهد ولا يمكن أليتيه من الأرض كالذي بمقعدته دمل لا يقدر على القعود والجلوس المتعارف.
فكما أن القيام الطبيعي لا يكون الا بالاعتماد على الرجلين، والسجدة الطبيعية لا تكون الا بتقسيم ثقله على مساجده السبعة كل مسجد بحسب حاله، والجلوس الطبيعي لا يكون الا بتمكن الأليتين من الأرض ليحصل القرار والأمنة طبعا وفطرة لا قسرا فكذلك الركوع لا يكون طبيعيا الا بوضع كفيه على ركبتيه وردهما إلى خلف ثم الاعتماد عليهما، وان التقم عين ركبتيه وهو أصل المفصل بكفيه فهو أوفق بطبيعة الركوع كما هو ظاهر.
وقد مر شطر من هذا البيان في بحث السجود ج 84 ص 194 - 196، وأن النبي صلى الله عليه وآله قال: ان ابن آدم يسجد على سبعة أعظم بناء على انصراف الامر إلى الكيفية الطبيعية للمأمور به، ان شئت راجعه.
على أن المسلم من سنة النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يضع يديه على ركبتيه ويردهما إلى خلف، و لما كان هذه سنة في فريضة، كان الاخذ بها هدى وتركها ضلالة، وكل ضلالة في النار، فإذا ركع المصلى ولم يضع يديه على ركبتيه من دون عذر، فأيا ما فعل: وضع يديه على ظهره! أو أرسلهما إلى الأرض كهيئة الذي يريد أن يأخذ شيئا من الأرض! أو قبضهما إلى صدره كالنساء!! أو جعلهما إلى الأذقان فهم مقمحون!! أيا ما فعل، فقد خرج عن السنة إلى البدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.