توضيح: قال في النهاية: فيه فأرسل إلى ناقة محرمة: المحرمة هي التي لم تركب ولم تذلل، وفي الصحاح جلد محرم لم تتم دباغته، وسوط محرم لم يلين بعد، وناقة محرمة أي لم تتم رياضتها بعد، وقال: كل من لا يقدر على الكلام أصلا فهو أعجم ومستعجم، والأعجم الذي لا يفصح ولا يبين كلامه انتهى ويمكن أي يقرأ العجم بالضم وبالتحريك.
ثم إن أول الخبر يدل على جواز التورية في اليمين، وأن المدار على نية المحق من الخصمين كما ذكره الأصحاب، وسيأتي في بابه، ثم ذكر عليه السلام حكم نية أهل المعاصي وعزمهم عليها إذا لم يأتوا بها وأنه لا يعاقبهم الله عليها، ونية أرباب الطاعات وعزمهم عليها وأنه يثيبهم عليها وإن لم يأتوا بها، ثم ذكر عليه السلام نظيرا لاختلاف النيات في الحكم وجوازها بالنسبة إلى بعض الأشخاص، وعدمه بالنسبة إلى بعض، وهو أن العجمي أو الأعجم الذي لم يصحح القراءة بعد، أولا يمكنه أداء الحروف من مخارجها، يجوز له أن يأتي بكل ما تيسر منها بخلاف العالم المتكلم الفصيح القادر على صحيح القراءة أو تصحيحها لا يصح منه ما يصح من الأعجم الذي لم يصحح القراءة وتضيق الوقت عنه أولا يمكنه التصحيح أصلا كالألكن، فالمراد بالمحرم من العجم من لا يقدر على صحيح القراءة ولم يصححها بعد، شبه بالدابة التي لم تركب ولم تذلل.
والعجم إن قرئ بالضم الحيوانات العجم أو الأعجم الذي لا يفصح الكلام، و يمكن أن يراد به الحيوان حقيقة أي لم يكلف الله البهيمة العجماء ما كلف الانسان العاقل القادر على التعلم والتكلم والافصاح بالكلام والأول أظهر وأصوب، لقوله مثل حال الأعجمي المحرم، وإن قرئ بالتحريك فظاهر.
ثم بين ذلك بالأخرس فإنه يجوز منه الاخطار بالبال، ويجزيه ذلك، ولا يجوز ذلك للقادر على الكلام، ويحتمل أن يكون جميع ذلك بيانا لعدله وكرمه سبحانه لأنه لا يكلف نفسا إلا وسعها، بل لا يطلب منها جهدها، ووسع على العباد و رضي منهم ما يسهل عليهم، ولم يجعل في الدين من حرج. (*)