وعن الثاني بأنه عليه السلام علم أن مراد الرسول صلى الله عليه وآله اشتمال كل ركعة منها على الفاتحة (1) والأظهر عندي حمله على قراءة الإمام إذا علم أن معه مسبوقا أو مطلقا لاحتمال ذلك (2) لئلا يكون قراءة المسبوق بالركعتين بغير فاتحة الكتاب إذا قرأ
(١) احتج المخالفون بالحديث النبوي على أن قراءة الفاتحة واجب في كل ركعة أخذا بالاطلاق وغاية ما يمكن لتوجيه احتجاجهم أن كل ركعة في حد ذاتها صلاة تامة بركوعها وسجودها الا أن الركعة قد تنفرد وحدها كما في الوتر وركعة الاحتياط وقد تضم إليها ركعة أو ركعات، فكما لا يقتصر بقراءة الفاتحة في الركعة الأولى عن الثانية فهكذا في الثانية والرابعة.
وهذا الاحتجاج ساقط على مذهبنا حيث إن اطلاق الحديث لو سلم فقد كان على اطلاقه إلى سنة تسع وبعدها نسخت القراءة بقوله عز وجل (فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا) وعلى المستدل بالحديث أن يأتي بشاهد يشهد أنه صلى الله عليه وآله قال ذلك بعد سنة تسع في أواخر عمره الشريف، وأنى له بالاثبات؟.
بل النسخ والتقييد مروى من طريق أهل السنة أيضا على ما نقله في المعتبر ص ١٧١ عن علي عليه السلام أنه قال: (اقرأ في الأوليين وسبح في الأخيرتين) ولذلك اختلف فقهاء الجمهور على ما عرفت.
(٢) هذا إذا كان على الامام الجهر بالقراءة في الأخيرتين وأما بعد أنه لا يجهر بالقراءة فيهما اجماعا واتفاقا، فلا معنى لتحمل الامام عن المأموم حيث لا انصات، على أن المسلم في محله اتحاد وظيفة الامام مع المنفرد، فان امام الجماعة إنما يصلىصلاة نفسه وإنما هو على المأموم أن يتحفظ على وظيفة نفسه في صلاته ويراعى وظائف الجماعة أيضا بالمتابعة و غيرها، فلا وجه لهذا الحمل ولا لهذا الفتوى.
وأما الأحاديث الواردة في ذلك، فإنما وردت تقية حيث كان شيعتهم عليهم السلام في ذاك الظرف مبتلين بالحضور في جماعاتهم والعمل بفتاواهم ظاهرا، ولذلك أفتى ابن روح في التوقيع تقية حيث كان يصل هذا الحكم من الحميري إلى جماعة الشيعة ويعملون به جهارا، والا لم نجوز حمل الخبر على التقية بمعنى اتقاء الشيخ ابن روح قدس الله سره أن يظهر المخالفون على توقيعه ذلك ويعرفوا فتواه على خلافهم فيؤذوه.
وذلك لأنه يفتى في المسألة ٦ من هذا التوقيع بجواز المتعة وفى المسألة ١١ بوضع تربة الحسين عليه السلام مع الميت وفى المسألة ١٤ و ١٣ بجواز اتخاذ السبحة للتسبيح و اللوح للسجدة من طين قبره وهو شرك عندهم وفى المسألة ١٥ بأن الصلاة أمام قبر الامام غير جائزة بل يصلى خلفه أو يمينه أو يساره ولا يتقدم عليه وفى المسألة ٢٧ يفتى بسقوط آجل المهر بعد الزفاف وهو قول أهل البيت عليهم السلام وفى المسألة ٢٩ يفتى بالمسح على الرجلين، وهكذا.