المراد سكر النعاس، فان الناعس لا يعلم ما يقول: وقد سمع من العرب سكر السنة، والظاهر أنه مجاز، وقال الأكثرون أن المراد به سكر الخمر، كما نقل أن عبد الرحمن بن عوف صنع طعاما وشرابا لجماعة من الصحابة قبل نزول تحريم الخمر، فأكلوا وشربوا، فلما ثملوا دخل وقت المغرب، فقدموا أحدهم ليصلي بهم فقرأ " أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد " فنزلت الآية، فكانوا لا يشربون الخمر في أوقات الصلاة، فإذا صلوا العشاء شربوا فلا يصبحون إلا وقد ذهب عنهم السكر.
والواو في قوله تعالى: " وأنتم سكارى " واو الحال، والجملة حالية من فاعل تقربوا، والمراد نهيهم عن أن يكونوا في وقت الاشتغال بالصلاة سكارى، بأن لا يشربوا في وقت يؤدي إلى تلبسهم بالصلاة حال سكرهم، وليس الخطاب متوجها إليهم حال سكرهم إذ السكران غير متأهل لهذا الخطاب، و " حتى " في قوله سبحانه: " حتى تعلموا " يحتمل أن يكون تعليلية كما في أسلمت حتى أدخل الجنة، وأن تكون بمعنى " إلى أن " كما في أسير حتى تغيب الشمس، وأما التي في قوله جل شأنه " حتى تغتسلوا " فبمعنى " إلى أن " لا غير.
وقيل: دلت الآية على بطلان صلاة السكران، لاقتضاء النهي في العبادة الفساد ويمكن أن يستنبط منها منع السكران من دخول المسجد، ولعل في قوله جل شأنه " تعلموا ما تقولون " نوع إشعار بأنه ينبغي للمصلي أن يعلم ما يقوله في الصلاة ويتدبر في معاني ما يقرؤه ويأتي به من الأدعية والأذكار.
والجنب يستوي فيه المفرد والجمع والمذكر والمؤنث، وهو لغة بمعنى البعيد، وشرعا البعيد عن أحكام الطاهرين لغيبوبة الحشفة في الفرج، أو لخروج المنى يقظة أو نوما، ونصبه على العطف على الجملة الحالية، والاستثناء من عامة أحوال المخاطبين، والمعنى على التفسير الأول الذي عليه أصحابنا: لا تدخلوا