بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٨ - الصفحة ٣٥
قال الشيخ البهائي قدس الله روحه: عمل أصحابنا رضي الله عنهم على التفسير الأول، فإنه هو المروي عن أصحاب العصمة، صلوات الله عليهم، وأما رواية التفسير الثاني عن أمير المؤمنين عليه السلام فلم تثبت عندنا وأيضا فهو [غير] ظ سالم من شائبة التكرار فإنه سبحانه بين حكم الجنب العادم للماء في آخر الآية (1) حيث قال

(1) بل لا تكرار في الحكم ولا شائبته، فان من المسلم أن التيمم لا يرفع الجنابة بل يبيح الصلاة فقط مع بقاء الجنابة، وإنما تعرض لذلك في صدر الآية مبادرة إلى دفع ما قد يتوهم أن الجنابة كالحيض قذارة باطنية لا يجوز معها الصلاة بوجه، الا بعد رفعها، ولا يرتفع الا بالغسل، كما توهمه عمر بن الخطاب على ما روى في الصحيحين أن رجلا أتى عمر فقال: أجنبت فلم أجد الماء، فقال: لا تصل، فقال عمار: أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد الماء فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت في التراب فصليت، فقال النبي صلى الله عليه وآله: إنما كان يكفيك ان تضرب بيديك ثم تنفخ فيهما ثم تمسح بهما وجهك وكفيك؟ فقال عمر: اتق الله يا عمار، فقال إن شئت لم أحدث به.
فصدر الآية يفيد أن الجنب لا يقرب الصلاة حتى يغتسل ويطهر نفسه عن الجنابة، لكنه إذا كان عابر سبيل على جناح السفر، يجوز له الصلاة مع الجنابة. وذيل الآية يدرجه في سائر من حكمه التيمم ويكلفه أن يتيمم ثم يصلى، ويبين لهم مجتمعا كيفية التيمم ولذلك أخره.
فالحكم لما كان ذا شطرين: جواز الصلاة مع الجنابة، ولزوم التيمم عند قيامه إلى الصلاة، عنونه مرة بعنوان الجنب في صدر الكلام وحكم عليه بالحكم الأول، ثم عنونه في ذيل الكلام بعنوان ملامس النساء، وحكم عليه بالحكم الثاني، فلا تكرار في الحكم.
الا أن تكرار العنوان وتجديده بلفظ آخر، يفيد بظاهره تعدد الموضوع والفرق بين الجنابة واللمس، وهو اشكال عام يرد على الآية الشريفة بكل الوجوه، حيث لم يقل به أحد من الفقهاء الا الشافعي فإنه قال: المراد باللمس مطلق مس النساء ومالك فإنه قال فإنه المس بشهوة وجعلاه ناقضا للوضوء كالمجئ من الغائط.
وعندي - كما هو الظاهر من الآية الشريفة والآية التي وقعت في سورة المائدة: 6 الفرق بين الجنابة والملامسة لغة وعرفا، وأن المراد بالملامسة التقاء الختانين من دون جنابة بانزال المنى، وسنتعرض لبيان ذلك في باب التيمم عند تعرص المؤلف قدس سره للاشكال وجوابه، انشاء الله.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست