هو أقرب الوجوه التي ذكرها الشيخ للجمع، فقال: إن كل من يخالفنا يذهب إلى أن أيام النفاس أكثر مما نقوله، قال: ولهذا اختلفت ألفاظ الأحاديث كاختلاف العامة في مذاهبهم.
وذكر جماعة من الأصحاب أولهم الشيخ - رحمه الله - في تأويل ما تضمن قصة أسماء أنها محمولة على تأخر سؤالها النبي صلى الله عليه وآله حتى انقضت المدة المذكورة، فيكون أمرها بعد الثمانية عشر وقع اتفاقا لا تقديرا، واستشهدوا له بهذا الخبر وغيره، والحق أن هذا التأويل بعيد عن أكثر الاخبار المتضمنة لقضية أسماء فاعتماد الحمل على التقية أولى.
وربما يعترض بعدم ظهور القايل بمضمونها من العامة، فيجاب بأن القضية لما كانت متقررة مضبوطة معروفة، وليس للانكار فيها مجال، كان التمسك بها في محل الحاجة مناسبا إذ فيه عدول عن إظهار المذهب، وتقليل لمخالفته، فلذلك تكررت حكايتها في الاخبار.
وقد اختار العلامة في المختلف العمل بمضمونها في المبتدئة نظرا إلى أن المعارض لها مخصوص بالمعتادة، ونوقش في ذلك بأن أسماء تزوجت بأبي بكر بعد موت جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان قد ولدت منه عدة أولاد، و يبعد جدا أن لا يكون لها في تلك المدة كلها عادة في الحيض، وهو متجه.
وعليه أيضا مناقشة أخرى، وهي أن الحكم بالرجوع إلى العادة يدل على ارتباط النفاس بالحيض، واختلاف عادات الحيض لا يقتضي أكثر من احتمال كون مدة حيض المبتدئة أقصى العادات، وهي لا تزيد على العشرة، فالقدر المذكور من التفاوت بين المبتدئة وذات العادة لا يساعد عليه الاعتبار الذي هو للجمع معيار، ولو استبعد كون التفصيل المذكور في قضية أسماء بكماله منزلا على التقية، لأمكن المصير إلى أن القدر الذي يستبعد ذلك فيه منسوخ، لأنه متقدم والحكم بالرجوع إلى العادة متأخر، وإذا تعذر الجمع تعين النسخ، ويكون تقرير الحكم بعد نسخه محمولا على التقية، لما قلناه من أن في ذلك تقليلا