83 - الكافي: عن العدة، عن البرقي، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: التقية من دين الله، قلت: من دين الله؟
قال: إي والله من دين الله، ولقد قال يوسف: " أيتها العير إنكم لسارقون " والله ما كانوا سرقوا شيئا، ولقد قال إبراهيم: " إني سقيم " والله ما كان سقيما (1).
تبيين: " من دين الله " أي من دين الله الذي أمر عباده بالتمسك به، في كل ملة، لان أكثر الخلق في كل عصر لما كانوا من أهل البدع شرع الله التقية في الأقوال والافعال والسكوت عن الحق لخلص عباده عند الخوف حفظا لنفوسهم ودمائهم وأعراضهم وأموالهم، وإبقاء لدينه الحق، ولولا التقية بطل دينه بالكلية وانقرض أهله لاستيلاء أهل الجور، والتقية إنما هي في الأعمال لا العقائد، لأنها من الاسرار التي لا يعلمها إلا علام الغيوب.
واستشهد عليه السلام لجواز التقية بالآية الكريمة، حيث قال: " ولقد قال يوسف " نسب القول إلى يوسف باعتبار أنه أمر به، والفعل ينسب إلى الامر كما ينسب إلى الفاعل، والعير بالكسر القافلة مؤنثة، وهذا القول مع أنهم لم يسرقوا السقاية ليس بكذب، لأنه كان لمصلحة وهي حبس أخيه عنده بأمر الله تعالى مع عدم علم القوم بأنه عليه السلام أخوهم، مع ما فيه من التورية المجوزة عند المصلحة التي خرج بها عن الكذب، باعتبار أن صورتهم وحالتهم شبيهة بحال السراق، بعد ظهور السقاية عندهم، أو بإرادة أنهم سرقوا يوسف من أبيه كما ورد في الخبر.
وكذا قول إبراهيم عليه السلام: " إني سقيم " ولم يكن سقيما لمصلحة فإنه أراد التخلف عن القوم لكسر الأصنام فتعلل بذلك، وأراد أنه سقيم القلب بما يرى من القوم من عبادة الأصنام، أو لما علم من شهادة الحسين عليه السلام كما مر، أو أراد أنه في معرض السقم والبلايا، وكأن الاستشهاد بالآيتين على التنظير لرفع الاستبعاد