شرب المسكر، ومسح الخفين، ومتعة الحج (1) وهذا مخالف للمشهور من كون التقية في كل شئ إلا في الدماء، واختلف في توجيهه على وجوه: الأول ما ذكره زرارة في تتمة الخبر السابق حيث قال: ولم يقل الواجب عليكم أن لا تتقوا فيهن أحدا أي عدم التقية فيهن مختص بهم عليهم السلام إما لأنهم يعلمون أنه لا يلحقهم الضرر بذلك، وأن الله يحفظهم أو لأنها كانت مشهورة من مذهبهم عليهم السلام فكان لا ينفعهم التقية. الثاني ما ذكره الشيخ قدس سره في التهذيب وهو أنه لا تقية فيها لأجل مشقة يسيرة لا تبلغ إلى الخوف على النفس أو المال وإن بلغت أحدهما جازت. الثالث أنه لا تقية فيها لظهور الخلاف فيها بين المخالفين فلا حاجة إلى التقية، الرابع لعدم الحاجة إلى التقية فيها لجهات أخرى، أما في النبيذ فلامكان التعلل في ترك شربه بغير الحرمة كالتضرر به ونحو ذلك، وأما في المسح فلان الغسل أولى منه، وهم لا يقولون بتعين المسح على الخفين وأما في متعة الحج فلأنهم يأتون بالطواف والسعي للقدوم استحبابا فلا يكون الاختلاف إلا في النية، وهي أمر قلبي لا يطلع عليه أحد، والتقصير وإخفاؤه في غاية السهولة، قال في الذكرى: يمكن أن يقال هذه الثلاث لا تقية فيها من العامة غالبا، لأنهم لا ينكرون متعة الحج وأكثرهم يحرم المسكر، ومن خلع خفه وغسل رجليه، فلا إنكار عليه، والغسل أولى منه عند انحصار الحال فيهما وعلى هذا تكون نسبته إلى غيره كنسبته إلى نفسه في أنه تنتفي التقية فيه، وإذا قدر خوف ضرر نادر جازت التقية انتهى.
وأقول: على ما ذكرنا في الوجه الرابع يظهر علة عدم ذكر متعة الحج في هذا الخبر لعدم الحاجة إلى التقية فيه أصلا غالبا، وأما عدم التعرض لنفي التقية في القتل فلظهوره، أو لكون المراد التقية من المخالفين، ولا اختصاص لتقية القتل بهم.