والإنجيل، " وإذا يتلى " أي القرآن " عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين " ثم أثنى الله سبحانه عليهم فقال: " أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا " قال رحمه الله: مرة بتمسكهم بدينهم حتى أدركوا محمدا صلى الله عليه وآله فآمنوا به، ومرة بايمانهم به، وقيل: بما صبروا على الكتاب الأول وعلى الكتاب الثاني وإيمانهم بما فيهما، وقيل: بما صبروا على دينهم وعلى أذى الكفار لهم، وتحمل المشاق " ويدرؤن بالحسنة السيئة " أي يدفعون بالحسن من الكلام القبيح من الكلام الذي يسمعونه من الكفار، وقيل: يدفعون بالمعروف المنكر، وقيل: يدفعون بالحلم جهل الجاهل، وقيل: يدفعون بالمداراة مع الناس أذاهم عن أنفسهم وروي مثل ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام.
وأقول: على ما في الخبر كأنها منزلة على جماعة من مؤمني أهل الكتاب آمنوا بمحمد صلى الله عليه وآله باطنا وأخفوا إيمانهم عن قومهم تقية فآتاهم أجرهم مرتين مرة لايمانهم ومرة للعمل بالتقية، والمراد بالإذاعة الإشاعة، وإفشاء ما أمروا عليهم السلام بكتمانه عند خوف الضرر عليهم.
82 - الكافي: بالاسناد المتقدم، عن هشام بن سالم، عن أبي عمر الأعجمي قال:
قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا با عمر! إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له، والتقية في كل شئ إلا في النبيذ والمسح على الخفين (1).
تبيان: " إن تسعة أعشار الدين في التقية " كأن المعنى أن ثواب التقية في زماننا تسعة أضعاف سائر الأعمال، وبعبارة أخرى إيمان العاملين بالتقية عشرة أمثال من لم يعمل بها، وقيل: لقلة الحق وأهله، وكثرة الباطل وأهله، حتى أن الحق عشر والباطل تسعة أعشار، ولابد لأهل الحق من المماشاة مع أهل الباطل فيها، حال ظهور دولتهم، ليسلموا من بطشهم، ولا يخفى ما فيه " ولا دين " أي كاملا. " إلا في النبيذ " -:
أقول: سيأتي في كتاب الطهارة في حديث زرارة ثلاثة لا أتقي فيهن أحدا