" وكله الله إلى عمله " أي يرد عمله إليه، فكأنه وكله إليه أو بحذف المضاف أي مقصود عمله أو شريك عمله أي ليس له إلا العناء والتعب كما مر.
18 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يعمل الشئ من الخير فيراه إنسان فيسره ذلك، قال: لا بأس ما من أحد إلا وهو يحب أن يظهر له في الناس الخير، إذا لم يكن صنع ذلك لذلك (1).
بيان: " ما من أحد " أي الانسان مجبول على ذلك لا يمكنه دفع ذلك عن نفسه، فلو كلف به لكان تكليفا بما لا يطاق " إذا لم يكن صنع ذلك لذلك " أي لم يكن باعثه على أصل الفعل أو على إيقاعه على الوجه الخاص ظهوره في الناس وقد ورد نظير ذلك من طريق العامة عن أبي ذر أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه، قال: تلك عاجل بشرى المؤمن، يعني البشرى المعجلة له في الدنيا والبشرى الأخرى قوله سبحانه " بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار " (2).
قيل: وهذا ينافي ما روي من طريقنا: ما بلغ عبد حقيقة الاخلاص حتى لا يحب أن يحمد على شئ من عمل لله وما روي من طريقهم عن ابن جبير في سبب نزول قوله تعالى: " فمن كان يرجو لقاء ربه " (3) إلى آخره وقد مر.
وقد جمع بينهما صاحب العدة - ره - بأنه إن كان سروره باعتبار أنه تعالى أظهر جميله عليهم أو باعتبار أنه استدل باظهار جميله في الدنيا على إظهار جميله في الآخرة على رؤس الاشهاد، أو باعتبار أن الرائي قد يميل قلبه بذلك إلى طاعة الله تعالى أو باعتبار أنه يسلب ذلك اعتقادهم بصفة ذميمة له، فليس ذلك السرور رياء وسمعة وإن كان سروره باعتبار رفع المنزلة أو توقع التعظيم والتوقير بأنه عابد زاهد