قلت: نعم: قال ففكر في هذا أو هذا، واعلم أي شئ فيهما؟ ثم قال: من ذا الذي تصدق وهو راكع؟ قلت: علي تصدق بخاتمه، قال: أتعرف غيره؟
قلت: لا، قال: فما قرأت " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " (1) قلت: نعم.
قال: أفما في هذه الآية نص الله على علي بقوله: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " قلت: يا أمير المؤمنين قد جمع بقوله: " الذين آمنوا " قال: القرآن عربي ونزل بلغات العرب، والعرب تخاطب الواحد بخطاب الجمع ويقول الواحد: فعلنا وصنعنا، وهو من كلام الملك والعالم والفاضل وكذلك قال الله " خلقنا السماوات " (2) وبنينا فوقكم سبعا (3) " وهو الله الواحد، وقال: جل ثناؤه حكاية من خطابه سبحانه قال: " رب ارجعون " (4) ولم يقل ارجعني لهذه العلة.
ثم قال: يا إسحاق أوما علمت أن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله لما أشاد بذكر علي وبفضله، وطوق أعناقهم ولايته وإمامته، وبين لهم أنه خيرهم من بعده، وأنه لا يتم لهم طاعة الله إلا بطاعته، وكان في جميع ما فضله به نص على أنه ولي الأمر بعده، قالوا إنما ينطق النبي صلى الله عليه وآله عن هواه، وقد أضله حبه ابن عمه وأغواه، وأطنبوا في القول سرا فأنزل الله المطلع على السراير " والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ".
ثم قال: يا إسحاق إن الناس لا يريدون الدين إنما أرادوا الرياسة وطلب ذلك أقوام فلم يقدروا عليه بالدنيا، فطلبوا ذلك بالدين، ولا حرص لهم