لا تحزن إن الله معنا " فأنزل الله سكينته عليه، قال: يا إسحاق إنك تأبى إلا أن أخرجك إلى الاستقصاء عليك أخبرني عن حزن أبي بكر أكان لله رضا أو كان معصية؟ قلت: إن أبا بكر إنما حزن من أجل رسول الله خوفا عليه من أن يصل إليه شئ من المكروه، قال: فحزنه كان لله رضا أو معصية؟ قلت: بل لله رضا قال: فكان بعث إليه رسولا ينهاه عن طلب رضاه وعن طاعته؟ قلت: أعوذ بالله قال: ألم تزعم أن حزن أبي بكر رضى؟ قلت: بلى، قال: أو لم تجد أن القرآن يشهد أن النبي صلى الله عليه وآله يقول: لا تحزن نهيا له عن الحزن، والحزن لله رضى أفلا تراه قد نهى عن طلب رضى الله إن كان الامر على ما وصفت، وأعوذ بالله أن يكون كذلك فانقطعت عن جوابه.
قال: يا إسحاق إن مذهبي الرفق بك، لعل الله أن يردك، فأخبرني عن قول الله جل ثناؤه: " وأنزل الله سكينته عليه " من عنى بذلك: رسول الله صلى الله عليه وآله أو أبا بكر؟ قلت: بل رسول الله قال: صدقت فأخبرني عن قول الله: " ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين " (1) أتعلم المؤمنين الذين أرادهم الله في هذا الموضع؟ قلت: لا، قال: إن الناس انهزموا يوم حنين فلم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وآله إلا سبعة من بني هاشم: علي يضرب بسيفه، والعباس آخذ بلجام بغلته، والباقون يحدقون برسول الله صلى الله عليه وآله خوفا أن يناله من سلاح القوم شئ حتى أعطى الله رسوله النصر.
فالمؤمنون في هذا الموضع علي خاصة ثم من حضره من بني هاشم، وقد قيل: إن سلمان الفارسي وعمارا كانا فيهم، فمن أفضل يا إسحاق؟ من كان مع النبي صلى الله عليه وآله فنزلت السكينة على النبي صلى الله عليه وآله وعليه؟ أم من كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله ونزلت السكينة على النبي صلى الله عليه وآله ولم يره موضعا لتنزيلها عليه معه؟ قلت: بل من أنزلت السكينة عليه مع النبي صلى الله عليه وآله.