الأعم والتعبير بالظل لكونه غالبا كذلك، والظاهر اختصاص الحكم بالغائط لكونه أشد ضررا وربما يعم ليشمل البول والمشهور بين الأصحاب كراهة ذلك وظاهر الخبر التحريم، إذ فاعل المكروه لا يستحق اللعن، وقد يقال: اللعن البعد من رحمة الله وهو يحصل بفعل المكروه أيضا في الجملة.
ولا يبعد القول بالحرمة إن لم يكن إجماع على خلافه للضرر العظيم فيه على المسلمين، لا سيما إذا كان وقفا فإنه تصرف مناف لغرض الواقف ومصلحة الوقف، ولا يبعد القول بهذا التفصيل أيضا، ويمكن حمل الخبر على أن الناس يلعنونه ويشتمونه، لكن يقل فائدة الخبر إلا أن يقال: الغرض بيان علة النهي عن الفعل.
قال في النهاية: فيه اتقوا الملاعن الثلاث هي جمع ملعنة، وهي الفعلة التي يلعن بها فاعلها كأنها مظنة للعن ومحصل له، وهو أن يتغوط الانسان على قارعة الطريق أو ظل الشجرة أو جانب النهر فإذا مر بها الناس لعنوا فاعلها ومنه الحديث اتقوا اللاعنين أي الامرين الجالبين للعن الباعثين للناس عليه، فإنه سبب للعن من فعله في هذه المواضع، وليس كل ظل، وإنما هو الظل الذي يستظل به الناس ويتخذونه مقيلا ومناخا وأصل اللعن الطرد والابعاد من الله تعالى، ومن الخلق السب والدعاء انتهى.
" والمانع الماء المنتاب " الماء مفعول أول للمانع إما مجرور بالإضافة من باب الضارب الرجل أو منصوب على المفعولية، والمنتاب اسم فاعل بمعنى صاحب النوبة، فهو مفعول ثان، وهو من الانتياب افتعال من النوبة ويحتمل أن يكون اسم مفعول صفة للماء من انتاب فلان القوم أي أتاهم مرة بعد أخرى.
والماء المنتاب هو الماء الذي يرد عليه الناس متناوبة ومتبادلة لعدم اختصاصه بأحدهم كالماء المملوك المشترك بين جماعة، فلعن المانع لأحدهم في نوبته والماء المباح الذي ليس ملكا لأحدهم كالغدران والآبار في البوادي فإذا ورد عليه الواردون كانوا فيه سواء فيحرم لأحدهم منع الغير من التصرف فيه، على قدر الحاجة، لان في المنع