فكذا بعد الزناء قابل لهما بالتوبة وعدمها، فلا ينافي ما روي من عدم العود إليه إلا بعد التوبة.
وقيل: لعل المراد أنه يسلب منه شعبة من شعب الايمان وهي إيمان أيضا فان المؤمن يعلم أن الزناء مهلك ويزهر نور هذا العلم في قلبه، ويبعثه على كف الآلة عن الفعل المخصوص، وكل واحد منهما أعني العلم والكف إيمان وشعبة من الايمان أيضا، فإذا غلبت الشهوة على العقل، وأحاطت ظلمتها بالقلب، زال عنه نور ذلك العلم، واشتغلت الآلة بذلك الفعل، فانتقصت عن الايمان شعبتان، فإذا انقضت الشهوة، وعاد العقل إلى ممالكه، وعلم وقوع الفساد فيها، وشرع في إصلاحها بالندامة عن الغفلة، صار ذلك الفعل كالعدم، وزالت تلك الظلمة عن القلب ويعود نور ذلك العلم، فيعود إيمانه، ويصير كاملا بعد ما صار ناقصا انتهى.
قوله " أرأيت إن هم " أي قصد الزنا هل يفارقه روح الايمان أو إن كان بعد الزنا قاصدا للعود هل يمنع ذلك عود الايمان " قال: لا " والأول أظهر " أرأيت إن هم " أقول المعنى أنه كما أن قصد السرقة ليس كنفسها في المفاسد والعقوبات، فكذا قصد الزنا ليس كنفسها في المفاسد، أو يقال لما كان ذكر الزنا على سبيل المثال والحكم شاملا للسرقة وغيرها فالغرض التنبيه بالأحكام الظاهرة على الاحكام الباطنة.
فان قيل: على الوجهين هذا قياس فقهي وهو ليس بحجة عند الإمامية، قلت:
ليس الغرض الاستدلال بالقياس فإنه عليه السلام لا يحتاج إلى ذلك، وقوله في نفسه حجة، بل هو تنبيه بذكر نظير للتوضيح، ورفع استبعاد السائل أو إلزام على المخالفين على أن القياس الفقهي إنما لا يكون حجة لاستنباط العلة، وعدم العلم بها، أما مع العلم بها فيرجع إلى القياس المنطقي لكن يرد عليه أنه لما كان العلم بالعلة من جهة قوله عليه السلام فقوله يكفي لثبوت أصل الحكم فيرجع إلى الوجه الأول.
16 - الكافي: عن الحسن بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن للقلب اذنين، فإذا هم العبد بذنب قال له روح الايمان