فقال " وإن من أمة إلا خلا فيها نذير " (1) تاه من جهل واهتدى من أبصر وعقل إن الله عز وجل يقول: " فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " (2) وكيف يهتدي من لم يبصر، وكيف يبصر من لم ينذر. اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وأقروا بما أنزل الله عز وجل، واتبعوا آثار الهدى فإنها علامات الأمانة والتقى، واعلموا أنه لو أنكر رجل عيسى بن مريم وأقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن، اقتصوا الطريق بالتماس المنار، والتمسوا من وراء الحجب الآثار تستكملوا أمر دينكم، وتؤمنوا بالله ربكم (3).
بيان: قد مضى الخبر في كتاب الإمامة (4) وشرحناه هناك ونوضح هنا بعض التوضيح " حتى تعرفوا " قيل أي إمام الزمان " حتى تصدقوا " أي الامام وتعده صادقا فيما يقول: " حتى تسلموا أبوابا أربعة " قد مضى الكلام في الأبواب مفصلا وقال المحدث الاسترآبادي رحمه الله: إشارة إلى الاقرار بالله، والاقرار برسوله والاقرار بما جاء به الرسول صلى الله عليه وآله والاقرار بتراجمة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وآله. والتيه التحير والذهاب عن الطريق القصد، يقال: تاه في الأرض إذا ذهب متحيرا كما في القاموس: " إن الله أخبر العباد " تفصيل لما أجمل عليه السلام سابقا وبيان للأبواب و الشروط والعهود المذكورة " وا؟ أر " جمع منارة على غير قياس يعني موضع النور ومحله.
وقيل: كنى بالمنار عن الأئمة فإنها صيغة جمع على ما صرح به ابن الأثير في نهايته، وبتقوى الله فيما أمره عن الاهتداء إلى الامام والاقتداء به، وباتيان أبوابها عن الدخول في المعرفة من جهة الإمام عليه السلام انتهى.
" واستكمل وعده " أي استحق وعده كاملا كما قال تعالى " أوفوا بعهدي أوف بعهدكم " (5) " مات قوم " فيما مضى " فات قوم " وهو أظهر أي فاتوا عنا، ولم -