بعد هي على ما ذكره، والأحاديث محتملة لما وصفه حسب ما ذكرناه (انتهى).
وأقول: يحتمل بعضها وجها آخر، وهو أن يكون ذكر بعض الأدوية التي لا مناسبة لها بالمرض على سبيل الافتنان والامتحان، ليمتاز المؤمن المخلص القوي الايمان من المنتحل أو ضعيف الايقان، فإذا استعمله الأول انتفع به لا لخاصيته وطبعه بل لتوسله بمن صدر عنه، ويقينه وخلوص متابعته، كالانتفاع بتربة الحسين عليه السلام (1) وبالعوذات والأدعية.
ويؤيد ذلك أنا ألفينا جماعة من الشيعة المخلصين كان مدار علمهم ومعالجتهم على الاخبار المروية عنهم عليهم السلام، ولم يكونوا يرجعون إلى طبيب، وكانوا أصح أبدانا وأطول أعمارا من الذين يرجعون إلى الأطباء والمعالجين.
ونظير ذلك أن الذين لا يبالون بالساعات النجومية ولا يرجعون إلى أصحابها ولا يعتمدون عليها بل يتوكلون على ربهم ويستعيذون من الساعات المنحوسة ومن شر البلايا والأعادي بالآيات والأدعية أحسن أحوالا وأثرى أموالا وأبلغ آمالا من الذين يرجعون في دقيق الأمور وجليلها إلى اختيار الساعات، وبذلك يستعيذون من الشرور والآفات، كما مر في باب النجوم، والتكلان على الحي القيوم.
فائدة روى المخالفون عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تتداووا بحرام. وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن لكل داء دواء: فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله تعالى.
وعن أسامة بن شريك قال: قالت الاعراب: يا رسول الله، ألا نتداوى؟ قال: نعم يا عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء ودواء إلا داء واحدا، قالوا:
يا رسول الله، وما هو؟ قال: الهرم. وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله