إن قلبي محب لك، وإني والله أوالي وليك وأعادي عدوك، قال: فتبسم عليه السلام وقال له: بالله يا أخا مراد إن سألتك عن شئ تصدقني فيه؟ قال: إي وعيشك يا أمير المؤمنين، فقال له: هل كان لك داية يهودية فكانت إذا بكيت تضربك وتلطم جبينك وتقول لك اسكت فإنك أشقى من عاقر ناقة صالح وإنك ستجني في كبرك جناية عظيمة يغضب الله بها عليك ويكون مصيرك إلى النار؟ فقال: قد كان ذلك، ولكنك والله يا أمير المؤمنين أحب إلي من كل أحد، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: والله ما كذبت ولا كذبت، ولقد نطقت حقا وقلت صدقا، وأنت والله قاتلي لا محالة، وستخضب هذه من هذه - وأشار إلى لحيته ورأسه - ولقد قرب وقتك وحان زمانك، فقال ابن ملجم: والله يا أمير المؤمنين إنك أحب إلي من كل ما طلعت عليه الشمس، ولكن إذا عرفت ذلك مني فسيرني إلى مكان تكون ديارك من دياري بعيدة، فقال عليه السلام: كن مع أصحابك حتى آذن لكم بالرجوع إلى بلادكم، ثم أمرهم بالنزول في بني تميم، فأقاموا ثلاثة أيام، ثم أمرهم بالرجوع إلى اليمن، فلما عزموا على الخروج مرض ابن ملجم مرضا شديدا، فذهبوا وتركوه فلما برئ أتى أمير المؤمنين عليه السلام وكان لا يفارقه ليلا ولا نهارا، ويسارع في قضاء حوائجه، وكان عليه السلام يكرمه ويدعوه إلى منزله ويقربه، وكان مع ذلك يقول له: أنت قاتلي، ويكرر عليه الشعر:
أريد حياته ويريد قتلي * عذيرك من خليلك من مراد فيقول له: يا أمير المؤمنين إذا عرفت ذلك مني فاقتلني، فيقول: إنه لا يحل ذلك أن أقتل رجلا قبل أن يفعل بي شيئا، وفي خبر آخر قال: إذا قتلتك فمن يقتلني؟ قال: فسمعت الشيعة ذلك، فوثب مالك الأشتر والحارث بن الأعور وغيرهما من الشيعة، فجردوا سيوفهم وقالوا: يا أمير المؤمنين من هذا الكلب الذي تخاطبه بمثل هذا الخطاب مرارا؟ وأنت إمامنا وولينا وابن عم نبينا، فمرنا بقتله، فقال لهم: أغمدوا سيوفكم بارك الله فيكم ولا تشقوا عصا هذه الأمة، أترون أني أقتل