عليه فوجده في محرابه قد أنضته العبادة فنهض علي - عليه السلام - فسأله عن حاله سؤالا حفيا (1) ثم أجلسه بجنبه.
فأقبل جابر عليه يقول: يا بن رسول الله! أما علمت أن الله تعالى إنما خلق الجنة لكم، ولمن أحبكم، وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم، فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك؟
قال له علي بن الحسين - عليهما السلام -: يا صاحب رسول الله! أما علمت أن جدي رسول الله - صلى الله عليه وآله - قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر فلم يدع الاجتهاد له وتعبد - بابي هو وأمي - حتى انتفخ الساق وورم القدم، وقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
قال: أفلا (2) أكون عبدا شكورا؟!
فلما نظر جابر إلى علي بن الحسين - عليهما السلام -، وليس يغني فيه قول من يستميله من الجهد والتعب إلى القصد، قال له يا بن رسول الله:
البقيا على نفسك، فإنك لمن أسرة بهم يستدفع البلاء، وتستكشف اللاواء (3)، وبهم يستمطر السماء.
فقال: يا جابر لا أزال على منهاج أبوي متأسيا بهما - صلوات الله عليهما - حتى ألقاهما.