من المهاجرين والأنصار، وقد قال لهما: والله ما قتلت عثمان ولا مالأت في قتله ولم يمكن أحد منهم الرد عليه.
قالوا: كان يحدث بالمعاريض ويدلس حين قال: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وآله فهو كما حدثتكم وإذا سمعتموني أحدث فيما بيني وبينكم فإنما أنا رجل محارب والحرب خدعة، ولعل قوله أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين و قوله في ذي الثدية ما كذبت ولا كذبت كان برأيه للخدعة، ولعل الشئ الذي كان يراه حقا استجاز إسناده إلى الله ورسوله لأنهما أمرا بكل حق.
قلنا: لا تدليس فيه وقد أفصح عن المراد منه، وفرق بين الحديثين بأن ما حدث عن الرسول فهو كما حدث وإذا حدث عن نفسه فله وجه تأويل وقد يضطر الإمام إلى معاريض الكلام ويجري ذلك مجرى متشابه القرآن، وإخباره بقتال الطوايف كان وهو متوجه إلى قتال طلحة والزبير فإن قوما أشاروا بالكف عنهما فأضاف إلى النبي الإخبار بقتالهما، وقال: أما والله لقد علم أصحاب محمد وهذه عايشة فاسألوها أن أصحاب الجمل، والمخزج اليد، ملعونون على لسان النبي الأمي وقال: لا أجد إلا قتالهم أو الكفر بما أنزل على محمد، فكيف يكون عن رأيه وقد استشهد عايشة بلعنه أصحابها مع كونها من أكبر أعدائه.
هب: أنه علم حال الناكثين فكيف أخبر عن حال القاسطين والمارقين؟ ولم يظهر منهم في حال الإخبار ما يخالف الدين.
إن قالوا: كان إخباره ترجيما وظنا فأصاب. قلنا: هذا يسقط أخبار الأنبياء بالغيوب، لجواز كونه عن ترجيم فأصابوا، وفي هذا خروج عن الاسلام.
تذنيب: أكثر ما أوردته في هذا الفصل من الاعتراض والكلام ما حكاه المفيد في محاسنه عن الجاحظ عن النظام، والجواب له رحمة الله عليه ورضوانه لديه وقد قال الجاحظ في آخر فصل حكاه عن النظام في الفتيا: وكان إبراهيم من حفاظ الحديث مع ذهن حديد ولسان ذرب، يتخلص به إلى الغامض، ويحل به المنعقد وهو مع ذلك يخطئ خطأ الغمرية، ويخبط خبط السكران، ويجمع بين السقطة والغفلة والحزم والإضاعة، قال جاحظ عقيب هذا الفصل: وقول إبراهيم لم يعمل به مسلم.